أعلنت هيئة كهرباء ومياه دبي عن تسجيل رقم قياسي عالمي جديد في موسوعة “غينيس للأرقام القياسية”، بعد أن نجحت في تشغيل محطة طاقة شمسية مركزة لمدة 39 يوماً متواصلة من دون انقطاع، ضمن المرحلة الرابعة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، والذي تصل قدرته الإنتاجية إلى 950 ميغاواط.
إنجاز تقني يعكس تفوقاً مستداماً
يمثل هذا الرقم القياسي دليلاً على الكفاءة العالية للتقنيات المعتمدة في المجمع، خصوصاً أن هذه المحطة تُعد واحدة من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية المركزة في العالم، وتُدار وفق نموذج “المنتج المستقل للطاقة”. وبهذا الإنجاز، يرتفع عدد الأرقام القياسية التي حققتها المرحلة الرابعة من المجمع إلى أربعة، ما يكرّس مشروع دبي كمثال يحتذى به في الابتكار بمجال الطاقة المتجددة.
وقد تسلّم العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للهيئة، سعيد محمد الطاير، شهادة غينيس في حفل رسمي حضره ممثلون عن المؤسسة وعدد من مسؤولي الهيئة. وأعرب الطاير عن فخره بهذا الإنجاز، مؤكداً أنه ثمرة للرؤية الاستراتيجية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي وضع التحول إلى الطاقة النظيفة في قلب أجندة دبي التنموية.
نحو حياد كربوني شامل
في تصريحات مرافقة لهذا الحدث، شدد الطاير على أن هذا الإنجاز هو محطة مهمة في مسيرة تحقيق أهداف استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، التي تستهدف الوصول إلى نسبة 100% من مصادر الطاقة النظيفة بحلول منتصف القرن، وذلك بالتوازي مع “استراتيجية الحياد الكربوني” للإمارة.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل حالياً على رفع القدرة الإنتاجية لمجمع محمد بن راشد إلى 7,260 ميغاواط بحلول عام 2030، وهو ما سيرفع حصة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة الكلي إلى 34%، ما يجعل دبي في موقع متقدم إقليمياً ودولياً في سباق التحول الطاقي.
أربعة أرقام قياسية تؤكد الريادة
إلى جانب الرقم الجديد لأطول فترة تشغيل متواصل، سجلت المرحلة الرابعة من المجمع أرقاماً قياسية سابقة، منها: أعلى برج للطاقة الشمسية المركزة في العالم بارتفاع 263.126 متراً، وأكبر سعة لتخزين الطاقة الحرارية بقدرة 5907 ميغاواط/ساعة، وأعلى قدرة إنتاجية لمحطة طاقة شمسية مركزة في موقع واحد تبلغ 700 ميغاواط.
هذه الإنجازات مجتمعة تؤكد أن المشروع لا يمثل فقط بنية تحتية متقدمة، بل أيضاً نموذجاً طموحاً للتنمية المستدامة، يقوم على الابتكار وتحقيق الأثر البيئي الإيجابي، وهو ما يعكس التزام دبي الجاد بالمسؤولية المناخية والاستثمار في المستقبل.
تحليل: ماذا يعني هذا الإنجاز لدبي؟
في ظل التحديات المناخية المتسارعة والضغوط الدولية نحو خفض الانبعاثات، يُعد مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية ورقة قوة استراتيجية بيد دبي. فالتحول إلى مصادر طاقة مستدامة لا يمنح المدينة فقط استقلالاً طاقياً، بل يُعزز من تنافسيتها الاقتصادية، ويقلل اعتمادها على الوقود الأحفوري.
كما أن تحقيق أربعة أرقام عالمية في مشروع واحد يرسل رسالة قوية للمجتمع الدولي بأن التحول الطاقي ليس مجرد شعار، بل مسار مدروس ومدعوم باستثمارات وبنى تحتية واقعية. ويُنتظر أن تعزز هذه الإنجازات من مكانة الإمارة كمركز جذب عالمي للاستثمار في الطاقة المتجددة.
في الوقت الذي تتهيأ فيه المنطقة لمتغيرات كبرى في سوق الطاقة، تسير دبي بثقة نحو موقع ريادي لا في الاستهلاك فقط، بل في إنتاج وتصدير الخبرات في قطاع الطاقة النظيفة، وهو ما يجعلها لاعباً محورياً في معادلة المستقبل.