تشير التصريحات الأخيرة الصادرة عن هيئة عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة إلى تصاعد كبير في الضغط الشعبي والسياسي داخل إسرائيل تجاه الحكومة، وسط شعور متزايد بالقلق إزاء مصير المحتجزين، لا سيما في ظل استمرار العمليات العسكرية وغياب أي أفق واضح للتوصل إلى اتفاق تبادل.
ضغط عائلات الأسرى
الهيئة، التي تمثل صوت العائلات، أكدت بشكل صريح أن جميع المحتجزين الخمسين هم “حالات إنسانية”، مشيرة إلى أن بعضهم يواجه خطر الموت أو الاختفاء، وهو توصيف ينطوي على بُعد نفسي ورسالة واضحة إلى الرأي العام الإسرائيلي مفادها أن الوقت يداهم الجميع، وأن الانتظار لم يعد خيارًا إنسانيًا أو استراتيجيًا.
الدعوة إلى التظاهر في تل أبيب مساءً تأتي ضمن سلسلة من التحركات المنظمة التي تستهدف التأثير المباشر في صانع القرار الإسرائيلي، في محاولة لدفع الحكومة نحو إبرام صفقة شاملة لتبادل الأسرى. هذه الدعوة تعكس إدراكًا متزايدًا لدى العائلات بأن الضغط الجماهيري هو أحد الأدوات القليلة المتاحة حاليًا في ظل انسداد المسارات السياسية وتزايد الانقسامات داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية نفسها.
تجاهل الرأي العام
كما أن تحذير الهيئة من “نفاد الوقت” ينطوي على رسالة مزدوجة: الأولى للحكومة الإسرائيلية، والثانية للمجتمع الدولي والوسطاء الإقليميين، بضرورة الإسراع في تسهيل الاتفاق قبل فوات الأوان. ويبدو أن هذا التصعيد في الخطاب نابع من خشية حقيقية لدى العائلات من تكرار سيناريوهات سابقة انتهت بوفاة محتجزين في ظروف غامضة أو مؤلمة، ما يُعيد فتح الجراح القديمة ويهدد بانفجار اجتماعي داخلي جديد.
في المقابل، فإن هذه الضغوط تضع الحكومة الإسرائيلية أمام معادلة شائكة: فهي من جهة تخشى منح “تنازلات كبيرة” قد تُفهم على أنها انتصار لحركة حماس في ظل الحرب المستمرة، ومن جهة أخرى لا تستطيع تجاهل الرأي العام وعائلات الجنود والمدنيين المحتجزين الذين يعتبرون الإفراج عنهم مسؤولية وطنية وأخلاقية لا تقبل التأجيل.
المشهد العام يُظهر أن ملف الأسرى والمحتجزين عاد إلى الواجهة كأحد المحاور الأكثر حساسية في الصراع، ليس فقط على المستوى العسكري، بل الإنساني والسياسي الداخلي. وكلما طال أمد المفاوضات، زادت الكلفة السياسية والإنسانية على جميع الأطراف.