في تصعيد جديد للتوتر في المنطقة، شنّت إسرائيل مساء أمس الجمعة، غارات جوية عنيفة استهدفت ثلاث مناطق استراتيجية في ريفي اللاذقية وطرطوس غرب سوريا، أسفرت عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين، بحسب ما أعلنته وكالة الأنباء السورية (سانا).
واستهدفت الغارات محيط قريتي زاما وبرج إسلام بريف اللاذقية، بالإضافة إلى محيط مرفأ طرطوس. كما نقل تلفزيون سوريا أن ريف مدينة جبلة جنوب محافظة اللاذقية لم يسلم من القصف.
وخلفت الضربات أضرارًا مادية جسيمة في المناطق المستهدفة، دون أن تتضح طبيعة هذه الأهداف بالكامل، وسط صمت رسمي سوري عن تفاصيل الهجمات.
جيش الإحتلال: استهدفنا صواريخ “تهدد الملاحة”
في المقابل، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن الغارات جاءت ردًا على تهديد مباشر تمثله مستودعات أسلحة وصواريخ أرض-بحر في محافظة اللاذقية.
وذكر بيان عسكري إسرائيلي أن الغارات استهدفت منشآت تخزين أسلحة يُعتقد أنها كانت تحتوي على صواريخ تشكل خطرًا على حرية الملاحة في البحر المتوسط.
وزير الدفاع الإسرائيلي: لا حصانة لأحد
من جانبه، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن إسرائيل ستواصل استهداف من يهدد أمنها، قائلًا: “لن تكون هناك حصانة لأي طرف ولن نسمح بتهديد إسرائيل.”
وأضاف أن الغارات الأخيرة دمرت أسلحة استراتيجية في العمق السوري، في إشارة إلى استمرار سياسة “الضربات الاستباقية” التي تنتهجها تل أبيب.
تصعيد مستمر منذ حرب غزة
يُذكر أن إسرائيل تشنّ منذ سنوات غارات جوية على أهداف في سوريا، مستهدفة ما تقول إنه تموضع عسكري إيراني أو شحنات أسلحة متجهة إلى “حزب الله”. لكن وتيرة القصف تصاعدت بشكل ملحوظ منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في أكتوبر الماضي.
ورغم أن الغارات شهدت تراجعًا في الأسابيع الأخيرة، وسط تقارير عن محادثات غير مباشرة بين تل أبيب ودمشق، إلا أن الهجوم الأخير يعكس احتمالات عودة التوتر العسكري مجددًا.
في القنيطرة: الأهالي يُنزلون العلم الإسرائيلي
وفي تطور ميداني لافت جنوب البلاد، أنزل عدد من أهالي محافظة القنيطرة العلم الإسرائيلي عن إحدى آليات جيش الاحتلال التي توغلت قرب سد رويحينة في ريف المحافظة.
وذكرت مصادر للجزيرة أن الحادث وقع أثناء وجود الأهالي في المنطقة، ما دفع الدورية الإسرائيلية إلى الانسحاب فورًا.
وتشهد منطقة القنيطرة، القريبة من الجولان المحتل، توغلات إسرائيلية متكررة، رغم أنها تقع ضمن الأراضي السورية ذات السيادة.
قراءة في المشهد: بين الحرب والرسائل السياسية
تأتي هذه التطورات في وقت دقيق تشهده المنطقة، حيث تتداخل فيه الاعتبارات العسكرية بالأهداف السياسية. وبينما تواصل إسرائيل توجيه الضربات إلى ما تعتبره “تهديدات استراتيجية”، تبعث دمشق رسائل مفادها أن السيادة السورية لا تزال محلّ اشتباك حقيقي.
وبينما يبقى المدنيون الخاسر الأكبر، تتزايد المخاوف من انزلاق الوضع في سوريا إلى جولة جديدة من التصعيد، في ظل غياب أي أفق للحل السياسي الشامل، سواء في دمشق أو في المنطقة ككل.