أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الأربعاء، أن بلاده أوفت بجميع المتطلبات اللازمة لبدء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مشدداً على أن ثمة حاجة ملحّة لقرار واضح بهذا الشأن قبل نهاية العام الجاري. وقد جاءت تصريحاته هذه في سياق دعوته المتكررة لتسريع اندماج أوكرانيا في المؤسسات الغربية، معتبراً أن إبطاء عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي (الناتو) لا يُمثّل فقط عرقلة لمسار بلاده، بل مضيعة للوقت على مستوى القارة بأكملها.
في موازاة ذلك، تصاعد الجدل داخل أروقة الناتو حول طبيعة الهجوم الأوكراني الأخير على العمق الروسي، بعد أن استهدفت طائرات مسيّرة أوكرانية قاذفات استراتيجية متمركزة في قواعد جوية روسية. السفير الأميركي لدى الناتو، ماثيو ويتاكر، وصف الهجوم بأنه كان “قوياً”، لكنه لم يُخفِ قلقه إزاء ما اعتبره “تهوراً وخطورة مفرطة” في طبيعة العملية، وهو موقف يعكس الحذر المتزايد داخل بعض الأوساط الغربية بشأن أساليب التصعيد العسكري التي قد تجر الصراع إلى مواجهات أكثر اتساعاً.
رداً على وصف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب للهجوم بأنه “شرس”، قال ويتاكر خلال فعالية في العاصمة البلجيكية بروكسل: “كان الهجوم قوياً من جهة، لكنه أيضاً متهور وخطير، وهذا ما يقلقني”. هذا التباين في التقييمات السياسية والعسكرية داخل المعسكر الغربي يأتي في وقت تتكثف فيه الضربات الروسية على الأراضي الأوكرانية، حيث أسفرت هجمات على مدينة خاركيف، ثاني أكبر مدن البلاد، عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أكثر من ستين آخرين، في ليلةٍ دامية أكدت أن مسار الحرب لا يزال بعيداً عن التهدئة.
في خضم هذا التصعيد، دعا زيلينسكي الدول الغربية إلى تجاوز تردّدها السياسي وعدم الخشية من اتخاذ خطوات جريئة، معتبراً أن “التحرك” الفعّال هو السبيل الوحيد لإجبار موسكو على الانخراط في عملية دبلوماسية حقيقية. وأضاف عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي أن الدور الحاسم في هذا السياق يقع على عاتق الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن القرارات الأميركية في المرحلة المقبلة ستحدد شكل الصراع ومصيره.
لكن على النقيض من هذا الطرح، بدا أن إدارة الرئيس الأميركي تتخذ مسافة متزايدة من التورط المباشر، إذ شبّه الرئيس الأميركي، في تصريح مثير للجدل، الحرب الروسية الأوكرانية بـ”شجار أطفال”، في إشارة ضمنية إلى رغبته في الحد من الانخراط الأميركي في هذا الملف، أو على الأقل تقييد تصعيده. هذا الموقف أثار تساؤلات حول مدى التزام واشنطن بالوقوف الثابت إلى جانب كييف، في وقت يتطلع فيه زيلينسكي إلى دعم سياسي وميداني أكثر جرأة ووضوحاً.
وهكذا، وبين مساعٍ أوكرانية حثيثة لتعميق اندماجها الغربي، وتردد متزايد في بعض العواصم الأوروبية والأميركية، تبدو الأزمة الأوكرانية عالقة في مفترق طرق حرج، حيث تتقاطع فيه رهانات الأمن الأوروبي مع حسابات الداخل الأميركي ومخاوف التصعيد غير المحسوب.