انطلقت جولة جديدة من المفاوضات بشأن سد النهضة في العاصمة الإثيوبية وسط آمال محدودة بتحقيق اختراق في أزمة طال أمدها بين مصر والسودان وإثيوبيا.
الصعب “انتهى”
أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة يؤكد أن ما تبقى من التخزين لا يمثل خطراً، ويشير إلى أن تشغيل التوربينات قد يُحسّن تدفقات المياه لدولتي المصب.
رغم الشائعات حول وجود خلل تقني، لم تصدر أي جهة علمية أو رسمية ما يثبت خطورة الوضع، مع تأكيدات باستقرار السعة التخزينية عند 72 مليار متر مكعب.
القلق الأكبر يتركز في فترات الجفاف الممتد، حيث تطالب القاهرة والخرطوم بعدم أولوية التخزين الإثيوبي على حساب الاحتياجات المائية الحيوية لدول المصب.
مسار التفاوض
الاجتماع الأخير ضمن مسار التفاوض فشل في التوصل إلى حلول وسط، ومصر تتهم إثيوبيا برفض المقترحات الفنية والقانونية الكفيلة بحماية مصالح الجميع.
ورغم المؤشرات الإيجابية التي يقدمها بعض الخبراء بشأن استقرار سد النهضة، يبقى الملف معقداً سياسياً واستراتيجياً. فالمياه في هذا النزاع ليست مجرد مورد، بل قضية بقاء وسيادة لشعوب بأكملها.
صراع المياه والمصالح
وسد النهضة الإثيوبي هو مشروع عملاق تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق قرب حدودها مع السودان، ويُعد من أكبر السدود في إفريقيا. ومنذ الإعلان عن المشروع عام 2011، اشتعلت أزمة دبلوماسية بين إثيوبيا ودولتي المصب، مصر والسودان، بسبب المخاوف من تأثير السد على حصص المياه التاريخية.
وترتكز مطالب مصر والسودان على اتفاقيتين رئيسيتين، هي افاقية 1929: منحت مصر حق الاعتراض على أي مشروع يؤثر على تدفق مياه النيل، وايضا افاقية 1959، حيث خصصت لمصر 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل وللسودان 18.5 مليار متر مكعب سنوياً، فيما لم تكن إثيوبيا طرفاً في هذه الاتفاقيات، وتعتبرها غير ملزمة، وهو ما يعد أساس الخلاف القانوني القائم.
مراحل الأزمة
وبدأت إثيوبيا في بناء السد دون اتفاق مسبق، ما أثار قلق مصر من نقص في حصتها المائية في 2011، وتطور الموقف في سنة 2015 حيث وُقّعت “اتفاقية إعلان المبادئ” بين الدول الثلاث (مصر، السودان، إثيوبيا)، تنص على التعاون وعدم الإضرار بمصالح أي طرف.
وفي الفترة من 2020 حتى 2023، أجريت جولات تفاوضية متعددة، برعاية إفريقية وأمريكية، فشلت في التوصل إلى اتفاق نهائي ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.
وفي سنة 2024، أنهت أثيوبيا المرحلة الخامسة من ملء السد، ما زاد التوتر، خاصة مع الجفاف الإقليمي.
جدير بالذكر أن مصر تعتمد بنسبة 97% على مياه النيل، وترى أن أي تقليص مفاجئ لتدفق المياه سيؤثر على الزراعة والشرب والصناعة.
أما السودان، فيشارك القلق بشأن التحكم الإثيوبي المنفرد بالمياه، خاصة في ما يتعلق بالأمان الإنشائي للسد وتأثيراته على السدود السودانية.
الموقف الإثيوبي
وتؤكد إثيوبيا أن السد مشروع تنموي سيولد نحو 6,000 ميغاواط من الكهرباء، ويُسهم في رفع اقتصاد البلاد، وتعتبر أن لها الحق السيادي في استغلال مواردها الطبيعية.
ورغم جهود الوساطة الإقليمية والدولية، لا يزال النزاع مستمراً مع تمسك كل طرف بمطالبه. وتظل الأزمة معلقة بين تعقيدات الجغرافيا والمياه والسياسة، بانتظار تسوية تضمن الحقوق وتمنع تفاقم الصراع.