بعد عشرة أيام من اشتعال حرائق هائلة في غابات اللاذقية الساحلية، أعلن وزير الطوارئ السوري رائد الصالح، مساء السبت، أن فرق الإطفاء نجحت في وقف امتداد النيران في كافة المحاور، في إنجاز اعتبره مراقبون “حاسماً” للحد من خسائر بيئية وبشرية كارثية.
وكتب الصالح عبر منصة “إكس”: “المشهد يتغير، والدخان بدأ ينقشع، وتتابع الفرق بشكل مكثف أعمال إخماد ما بقي من البؤر المشتعلة وتبريد ما تم إخماده.”
وأضاف أن ما تحقق كان ثمرة جهود مركّزة لفرق الدفاع المدني، واستجابة استثنائية من طواقم الطوارئ، وسط تضاريس وعرة وصعوبات لوجستية معقدة.
رياح التهديد لم تُطفئ عزيمة رجال الإطفاء
على الرغم من التحديات الكبيرة المتمثلة في سرعة الرياح وارتفاع درجات الحرارة، التي كانت تغذي ألسنة اللهب وتعقّد عمليات الإخماد، إلا أن تنسيق العمليات ميدانياً بين فرق الإطفاء والمتطوعين، واستخدام تقنيات رشّ جوية في بعض المناطق، لعب دوراً محورياً في الحد من توسع الحرائق.
ووفق مصادر ميدانية، كانت مناطق ريف القرداحة والحفة وجبلة من أكثر المناطق تضرراً، حيث التهمت النيران مساحات واسعة من الأشجار المعمّرة، وهددت منازل ومزارع لعشرات العائلات.
دعم إقليمي واسع.. من أنقرة إلى بغداد
في موقف تضامني نادر، ساهمت فرق إنقاذ وطواقم دعم من عدة دول إقليمية في عمليات الإخماد، أبرزها تركيا والأردن ولبنان والعراق وقطر، وفق ما أعلنه الوزير الصالح.
وخصّ بالشكر “الاستجابة السريعة من الدول الشقيقة”، معتبراً أن الدعم الشعبي في الداخل السوري كان له “أثر معنوي وميداني كبير”، في وقت اصطف فيه عشرات المتطوعين من أبناء القرى المجاورة لمساعدة فرق الطوارئ في حماية خطوط النار ومنع امتدادها نحو المناطق السكنية.
عمليات التبريد تبدأ وقلوب السوريين تتنفس الصعداء
ومع انقشاع الدخان تدريجياً، تبدأ المرحلة الثانية من الخطة، وهي عمليات التبريد الشامل، التي تهدف إلى القضاء على أي بؤر حرارية قد تشتعل مجدداً بفعل الرياح أو الجذور المتبقية.
وقال مصدر في مركز الإطفاء بمحافظة اللاذقية إن فرق المسح الميداني بدأت بتقييم الأضرار البيئية، وتوثيق حجم الخسائر في الغطاء النباتي والحياة البرية، استعداداً لإطلاق خطط إعادة تأهيل الغابات المنكوبة.
وفي الوقت الذي استمرت فيه بعض الجيوب الصغيرة للنيران بالاشتعال في مناطق معزولة، عبّر الأهالي عن ارتياحهم العميق، بعدما باتت بوادر السيطرة التامة أقرب من أي وقت مضى.
خسائر لم تُحصَ بعد.. والغابات تستغيث
ورغم السيطرة النسبية، لم تُعلن الجهات الرسمية حتى الآن تقديرات دقيقة للخسائر المادية أو حجم المساحات المتضررة.
لكن خبراء بيئيين حذروا من أن “الضرر طويل الأمد على النظام البيئي للمنطقة قد يستغرق سنوات لمعالجته”، خاصة مع تكرار هذه الكوارث خلال مواسم الصيف الحارقة.
وطالب عدد من النشطاء بإطلاق حملات وطنية لزراعة الأشجار وتعويض الفاقد، إضافة إلى ضرورة تعزيز نظم الإنذار المبكر ومعدات الإطفاء في المناطق الحساسة.
وبينما تستعد فرق الإطفاء لإنهاء مهامها خلال أيام، تظل حرائق اللاذقية بمثابة جرس إنذار بيئي يسلط الضوء على هشاشة الغطاء الأخضر في سوريا، والحاجة إلى استراتيجيات مستدامة للحماية من الكوارث الطبيعية المتكررة.