الأحد 6 يوليو 2025
  • دخول
ميدل إيست بوست
  • الرئيسية
  • القضية الفلسطينية
    • دولة الإحتلال
  • دولي
  • شؤون عربية
  • تقارير
  • رياضة
  • صحة وجمال
  • منوعات
  • إتصل بنا
No Result
View All Result
ميدل إيست بوست
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • القضية الفلسطينية
  • دولي
  • شؤون عربية
  • تقارير
  • رياضة
  • صحة وجمال
  • منوعات
  • إتصل بنا
Home أمريكا

سياسة ترامب محاولة لإعادة تموضع الإمبراطورية الأميركية

في ظل الأزمات المتلاحقة، من ارتفاع المديونية العالمية، وتفكك سلاسل الإنتاج، وتصاعد النزاعات التجارية، وحرب أوكرانيا، والوحشية المنفلتة في غزة، إلى صعود التيارات اليمينية والانغلاق القومي، يبدو أن التاريخ، الذي أراد بعض المدافعين عن مصالح الطبقة البرجوازية أن يتوقف عند عتبة الليبرالية الرأسمالية، قد عاد ليسير في اتجاه آخر. فما نشهده اليوم ليس نهاية التاريخ كما توهّموا.

image 1730880677

بقدر ما تعبّر قرارات دونالد ترامب بفرض التعرفة الجمركية على 180 دولة حول العالم، مدعومًا من الغالبية العظمى من الحزب الجمهوري داخل الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة، عن محاولة لوضع العصي في عجلة تطور علاقات الإنتاج الرأسمالية وقوانينها، وهي القوانين التي عبّر عنها مؤسس الاقتصاد البرجوازي آدم سميث بشعاره الشهير “دعه يعمل، دعه يمر”، والتي بلغت ذروتها في أدبيات العولمة الاقتصادية والسياسية وتنظيمها عبر منظمة التجارة العالمية، فإن هذه القرارات في الوقت ذاته تمثل مسعىً يائسًا وفاشلًا لوقف تراجع المكانة الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة على الساحة الدولية.

تُخبرنا الأدبيات الماركسية بأن رأس المال يتميز بظاهرتين اجتماعيتين أساسيتين: الجُبن، وانعدام الولاء. فهو جبان بطبيعته، لا يغامر بالدخول إلى أيّ بيئة تفتقر إلى الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي. وليس له صاحب أو صديق، إذ يسعى دومًا إلى التمركز حيث تتوفر له أعلى معدلات الربح.

ويدرك أركان النظام الرأسمالي هذه الحقيقة المرة، من سياسيين واقتصاديين ومفكرين. لذلك، فإن كل ما يُقال عن أن دونالد ترامب “باع” حلفاءه الأوروبيين، أو أنه ساوى بين الحلفاء والخصوم، ليس سوى هراء يُراد به إخفاء الواقع المرعب الذي يقلب كل التوازنات والمعادلات السياسية والاقتصادية في العالم. فميزة رأس المال هي صنميته، فلا أخلاق له، بينما يحاول حلفاء الولايات المتحدة، أوروبا وكندا وأستراليا واليابان على سبيل المثال، إضفاء مسحة أخلاقية عليه، عبر تصويره كفاعل سياسي وفيّ، بينما هو في الحقيقة لا يرى إلا بوصلة مصالحه، ويقود ممثليه السياسيين في الحكومات والأنظمة لأصحاب الشركات حيث توجد الأرباح، لا الولاءات.

وهذه المسحة الأخلاقية هي جزء من إخفاء قوانين النظام الرأسمالية والتستر على ماهيتها ووحشيتها المعادية بالدرجة الأولى لأمن ورفاه معيشة الغالبية العظمى من البشرية وفي مقدمتها الطبقة العاملة. وإذا كانت السياسة، “تعبيرًا مكثفًا عن الاقتصاد” كما يقول لينين قائد ثورة أكتوبر العمالية، فإن ما تسعى إليه إدارة ترامب في تقاربها مع روسيا، ومحاولة إنهاء حرب أوكرانيا حتى وإن كان ذلك على حساب أوروبا، هو تعبير واضح عن إدراكها بأن استعادة مكانة الولايات المتحدة وهيمنتها العالمية تتطلب حلفاء جددًا، وأسواقًا جديدة، وإعادة صياغة المعادلات السياسية الدولية بما يخدم المصالح الأميركية في المرحلة المقبلة.

شعار “اجعل أميركا عظيمة مجددًا” الذي يرفعه دونالد ترامب لا يختلف جوهريًا عن شعار “تفوق العِرق الآري” الذي رفعه أدولف هتلر زعيم النازية في ألمانيا؛ ففي كلا الشعارين تكمن حقيقة واحدة: أن النظام الرأسمالي العالمي غير قادر على تحمّل المنافسة الاقتصادية الشرسة، ويدحض من جديد كل المقولات والمفاهيم التي روج لها حول أخلاقيات النظام الرأسمالي من المنافسة الحرة، أصالة الفرد، حرية التجارة، وقداسة السوق وقوانينه. وفي كل مرحلة من مراحل عمر النظام الرأسمالي، تحدث انفجارات كبرى، إما على شكل أزمات اقتصادية عميقة تجرّ العالم إلى حروب عسكرية، أو، في أحسن الأحوال، إلى حروب اقتصادية، كما نشهده اليوم على شاشات الولايات المتحدة التي يعرضها ترامب للعالم.

ليس أمام الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة لإيقاف انحدار مكانتها سوى طريقين لا ثالث لهما: الأول، هو الاستمرار على نهج الجناح الذي مثّله الرئيس السابق جو بايدن وهو طريق التجارة الحرة والعولمة، والثاني، هو العودة إلى ما قبل أدبيات العولمة وقواعد منظمة التجارة الحرة، أي محاولة تعطيل مسار التطور الرأسمالي والعمل ضد قوانينه.

وقد جُرّب هذا النهج سابقًا من قِبل الرئيس الأميركي الجمهوري هربرت هوفر، الذي انتُخب عام 1928، ليقع خلال ولايته الكساد الكبير، وهي الأزمة الاقتصادية التي هزّت أسس النظام الرأسمالي آنذاك عام 1929. وفي محاولة لمواجهتها، تم إقرار قانون الحمائية المعروف بـ”سموت – هاولي”، والذي فرض تعريفات جمركية على واردات من 25 دولة، بلغت نسبتها نحو 40 في المئة و20 ألف سلعة، بحجة حماية الزراعة والصناعة المحلية. لكن النتائج جاءت عكسية تمامًا؛ إذ تراجعت الصادرات الأميركية بنسبة 66 في المئة بين عامي 1929 و1934، مما فاقم الأزمة بدلاً من حلّها. وكان هذا قبل سيادة مفاهيم العولمة والسياسة الليبرالية والسوق الحرة.

تُراهن سياسة دونالد ترامب الحمائية اليوم على قوة السوق الأميركية الداخلية، إذ يشكل الاستهلاك نحو 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعكس مدى اعتماد الاقتصاد الأميركي على إنفاق المستهلكين. ففي عام 2024، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة حوالي 29.2 تريليون دولار، أي أن حجم الاستهلاك وصل إلى نحو 20.44 تريليون دولار.

أما في الصين، فيمثل الاستهلاك نسبة أقل بكثير، إذ لا تتجاوز 39.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وبالنظر إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للصين في العام نفسه بلغ حوالي 18.9 تريليون دولار، فإن حجم الاستهلاك بلغ نحو 7.48 تريليون دولار فقط. وانطلاقًا من هذه المعطيات، يدعو ترامب الشركات إلى نقل صناعاتها إلى داخل الولايات المتحدة، مع منحها امتيازات ضريبية، من بينها الإعفاء من الضرائب، كحافز لتشجيع التصنيع المحلي.

وإذا ما نجحت هذه السياسة، فإن الولايات المتحدة في منظور ترامب، قد تصبح قادرة على منافسة الصين اقتصاديًا، خاصة وأن الاقتصاد الصيني يعتمد في نموه بدرجة أساسية على الاستثمار والصادرات، بينما تراهن الولايات المتحدة على قوة سوقها الاستهلاكية واتساعها. إلا أن ما يغفله الجناح الذي يمثله ترامب هو أن موقع الولايات المتحدة في تقسيم العمل للإنتاج الرأسمالي العالمي يتمركز في قطاع الخدمات، وليس في صناعة السلع. إذ يشكل قطاع الخدمات مثل؛ الخدمات المالية والمصرفية، التكنولوجيا، الصحة، التعليم، السياحة، وشركات التأمين نحو 18 – 20 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي، بينما يمثل حوالي 77 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي.

أما النقطة الثانية، فهي أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تكون دولة مُصدّرة للسلع كالصين، التي تتفوق في هذا المجال بسبب انخفاض تكلفة اليد العاملة. ولهذا السبب، لجأت الشركات الأميركية إلى نقل مصانعها نحو دول مثل المكسيك، الصين، فيتنام، إندونيسيا، كمبوديا، وتايلاند، حيث تنخفض تكاليف الإنتاج، التي يشكل انخفاض أجور العمال فيها المسألة المحورية، ما يتيح لها تصنيع البضائع هناك ومن ثم تصديرها إلى السوق الأميركية الكبيرة للاستهلاك.

وهذا يفسر بدقة فرض الرسوم الجمركية المرتفعة على واردات السلع من هذه الدول، إذ بلغت النسب: 49 في المئة على كمبوديا، 46 في المئة على فيتنام، 36 في المئة على تايلاند، و32 في المئة على إندونيسيا وتايوان.

إن سياسة ترامب الحمائية تسعى إلى قلب هذه المعادلة. ومع ذلك، حتى في حال عودة بعض الشركات الأميركية أو تأسيس شركات أجنبية جديدة داخل السوق الأميركية، فإنها لن تتمكن من تحقيق مستويات التصدير التي تحققها الصين والدول الأخرى المشار إليها، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج داخل الولايات المتحدة، وعلى رأسها أجور اليد العاملة، التي تُعد من الأعلى عالميًا مقارنة بتلك الدول.

سياسة التضليل كأداة إستراتيجية

من الضروري تسليط الضوء على استخدام التضليل كسياسة منهجية ضمن الإستراتيجية الترامبية في الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة على العالم. إذ يُوظَّف هذا التضليل في اتجاهين رئيسيين: أولًا، تعبئة شرائح واسعة من المجتمع الأميركي، وخاصة تلك الفئات المتضررة من التغيرات الاقتصادية، وكسب تأييدها ودعمها للسياسات الاقتصادية للإدارة الأميركية، عبر تصوير البلاد كضحية لاستغلال خارجي ممنهج. ثانيًا، لإضفاء شرعية زائفة على خرق القواعد والقوانين التي تنظّم التجارة الدولية، وهي القواعد التي كانت الولايات المتحدة نفسها من أبرز من ساهم في صياغتها وترسيخها، خاصة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

بهذه الطريقة، تتحول سياسة التضليل إلى أداة إستراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي بما يتناسب مع تراجع القوة الأميركية، لا وفق مبادئ “الحرية الاقتصادية” التي لطالما تبنّتها، بل وفق منطق فرض الهيمنة وتجاوز الاتفاقات الدولية.

للوهلة الأولى، تبدو المبررات التي تروّج لها إدارة ترامب وفريقه لتسويغ الحرب التجارية وكأنها دفاع عن العدالة الاقتصادية، حيث تُصوَّر الولايات المتحدة كضحية لمعاملة غير منصفة من قبل دول العالم. لكن هذا الخطاب ينطوي على قدر كبير من التضليل، ويعكس صورة ضبابية ومصداقية زائفة في الداخل الأميركي.

في الواقع، كانت الولايات المتحدة نفسها، وبالذات في عهد إدارة ريتشارد نيكسون عام 1971، هي من سنّت قانونًا أنهى ربط الدولار بالذهب في ما عُرف بـ”صدمة نيكسون”، نتيجة لعجز الميزانية الناتج عن حرب فيتنام، وتكاليف برامج الرعاية الاجتماعية، والتضخم الهائل في كمية الدولار المتداول عالميًا مقارنة باحتياطي الذهب. منذ ذلك الحين، أصبحت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تطبع عملتها دون أيّ غطاء من الذهب، وفرضت الدولار عملة عالمية بالقوة، مستخدمة إياه كأداة فعّالة في تعزيز هيمنتها السياسية والاقتصادية.

وقد لوّح دونالد ترامب مؤخرًا، في مستهل ولايته الثانية، بتهديد دول “بريكس” إذا ما سعت لإطلاق عملة مستقلة خاصة بها. وفي الحقيقة فإن الولايات المتحدة لا تغطي سوى 14 في المئة من الدولارات المتداولة حول العالم، والتي تُقدَّر بالترليونات.

أما الادعاءات الأخرى، مثل أن ألمانيا واليابان تستفيدان من السوق الأميركية دون مقابل، وقد صدّرت الملايين من السيارات لنا، وإذا ارادت الربح من أسواقنا، فعليها فتح شركاتها في الولايات المتحدة. إن هذه الادعاءات ليست سوى جزء من حملة تضليل ممنهجة. فهناك، على سبيل المثال، مصنع كبير لإنتاج سيارات “تويوتا كامري” في ولاية كنتاكي، ومصنع “بي إم دبليو” في مدينة سبارتنبرغ بولاية ساوث كارولاينا، والذي يُعد من أكبر مصانع الشركة في العالم ويُصدر أكثر من 70 في المئة من إنتاجه للخارج. كما يوجد مصنع “فولكس فاجن” في مدينة تشاتانوغا بولاية تينيسي.

وبالمثل، فإن تبرير ترامب لفرض الرسوم الجمركية على كندا بذريعة تسلل المخدرات من الحدود الكندية، لا يصمد أمام الحقائق، حيث تُظهر البيانات أن أقل من 1 في المئة من تجارة المخدرات تمر عبر تلك الحدود. أما الادعاء بأن المكسيك تسهل عبور المهاجرين وعصابات المخدرات، فقد تم تفنيده عمليًا من خلال إعادة التفاوض على اتفاقية “نافتا” وتوقيع النسخة الجديدة منها في ولاية ترامب الأولى.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، إذ تفرض الولايات المتحدة تعرفة جمركية بنسبة 10 في المئة على دول مثل أستراليا وبريطانيا، بالرغم من أن الميزان التجاري معهما يميل لصالح الولايات المتحدة. وهذا يُظهر أن الخطاب الاقتصادي لترامب لا يستند إلى أرقام دقيقة، بل يُوظّف لأغراض سياسية داخلية.

وفي مشهد آخر من فصول هذه الحرب التجارية، أشار ترامب إلى اتصال الرئيس الفيتنامي به للتفاوض بشأن الرسوم، مدّعيًا أن “سكرتير الحزب الشيوعي” هو من تحدث إليه ولا نعرف لماذا ذكر صفته الحزبية سوى التباهي. غير أن الحقيقة هي أن الشركات الأميركية العاملة في فيتنام هي من دفعت السلطات الفيتنامية للضغط بهذا الاتجاه، في محاولة لحماية مصالحها.

أخيرًا، في ملف “تيك توك”، أعلن ترامب أن عملية البيع أرجئت 75 يومًا لحين إتمام أوراق الصفقة، في خطوة وصفها وكأنها تتطلب إجراءات بيروقراطية طويلة تشبه بعض الدول العربية. لكن الواقع أن الصين رفضت التوقيع على الاتفاقية، بعد فرض الرسوم الجمركية عليها من قبل إدارة ترامب.

سياسات النظام الرأسمالي “كسر العظم”

الفارق بين النظام النازي في ألمانيا، الذي كان نتاجًا مباشراً للأزمة الاقتصادية العنيفة عام 1929 والتي هزّت أوروبا ومهدت الطريق نحو الحرب العالمية الثانية التي أودت بحياة أكثر من 80 مليون إنسان، وبين إدارة ترامب التي تقود الولايات المتحدة اليوم، التي تواجه تراجعًا اقتصاديًا وهيكلية مديونية هائلة تجاوزت 34.6 تريليون دولار، إضافة إلى تفوق الصين عليها في قطاعات إستراتيجية مثل الدفاع، الفضاء، الروبوتات، الطاقة، البيئة، التكنولوجيا الحيوية، الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الحوسبة، بحسب تقرير المعهد الأسترالي للسياسة الإستراتيجية، نقول يكمن في عدم إمكانية تَحوّل هذه الحرب الاقتصادية إلى حرب عالمية ثالثة، لأن القوى الدولية المتنافسة – الولايات المتحدة، الصين، الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا وبريطانيا – تمتلك السلاح النووي، وهو ما يجعل المواجهة المباشرة خيارًا كارثيًا لا يجرؤ أحد على اتخاذه.. حتى الآن.

وبعكس ما يسوق نفسه دونالد ترامب بأنه رجل سلام ويطفئ نيران الحروب في العالم، فهو هدد عسكريا باحتلال بنما وغرينلاند، وشن حربا شرسة يستخدم فيها كل الإمكانات العسكرية على الحوثيين، ويجيش اليوم قواته في الخليج والبحر المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي بتهديد إيران، وما يحدث من جرائم وحشية يومية في غزة لم يكن ليحدث لولا الدعم غير المشروط لإسرائيل النازية، فإنه لن يتورع – أي ترامب – مثل أسلافه عن شن حرب مثل هتلر على العالم لولا التوازنات الدولية التي حددها السلاح النووي.

إن البرجوازية، التي بَنَت أسطورة “اليد الخفية” و”السوق الحرة”، تُسارع إلى التخلي عن كل هذه المبادئ عندما تُهدّد مصالحها، وتعود إلى الحمائية، وفرض الرسوم الجمركية، وتقويض سلاسل التوريد، والتضحية بالحلفاء، تمامًا كما نشهد اليوم في السياسات الاقتصادية التي يروّج لها الجناح الترامبي داخل الطبقة الحاكمة الأميركية. إنها سياسات تعكس حالة الذعر من التراجع العالمي للولايات المتحدة، لاسيما أمام صعود الصين وقوى اقتصادية أخرى.

السياسات الترامبية، التي تدعو إلى “إعادة التصنيع داخل أميركا” و”أميركا أولاً”، ليست سوى محاولة يائسة لإبطاء تآكل الهيمنة الاقتصادية الأميركية، عبر استهداف العمال والفقراء حول العالم، بمن فيهم عمال الولايات المتحدة أنفسهم. إذ تؤدي هذه السياسات إلى إغلاق المصانع في المكسيك وآسيا، وتدمير فرص العمل في كندا وأوروبا، وارتفاع الأسعار التي تضع تكاليف معيشية إضافية على كاهل الأسر والعائلات في الولايات المتحدة، بما يعادل 400 دولار شهريًا، الذين يُستخدمون اليوم كحطب في معركة إعادة تموضع الإمبراطورية الأميركية.

نهاية التاريخ وخيارات النظام الرأسمالي

أما الخيارات التي يضعها النظام الرأسمالي أمام البشرية، هو نشر الكراهية القومية، والكراهية ضد المهاجرين واللاجئين التي نراها اليوم في أنحاء العالم، وتقوية التيارات اليمينية الرجعية التي بدأت تتبنى شعار “أميركا أولًا”، وترفع شعارات مماثلة مثل “فرنسا أولًا”، “ألمانيا أولًا”، وحتى ما يبعث على السخرية في العراق حيث رفع البعض شعار “العراق أولًا”. وبين الخيارين، أي الفقر والعوز، وتسميم أجواء المجتمع الإنساني بالأفكار والتصورات الرجعية بالكراهية القومية والمعاداة لكل القيم الإنسانية، يكون خيار التهديدات العسكرية، بشن الحروب، وهي ظاهرة ملازمة للنظام الرأسمالي لحسم التنافس بين أقطابه.

واليوم، في ظل الأزمات المتلاحقة، من ارتفاع المديونية العالمية، وتفكك سلاسل الإنتاج، وتصاعد النزاعات التجارية، وحرب أوكرانيا، والوحشية المنفلتة في غزة، إلى صعود التيارات اليمينية والانغلاق القومي، يبدو أن التاريخ، الذي أراد بعض المدافعين عن مصالح الطبقة البرجوازية أن يتوقف عند عتبة الليبرالية الرأسمالية، قد عاد ليسير في اتجاه آخر. فما نشهده اليوم ليس نهاية التاريخ كما توهّموا، بل نهاية تاريخ النظام الرأسمالي نفسه، إذ تتبلور في أعماق المجتمعات تناقضات جديدة تفتح الأفق أمام تحوّلات كبرى.

وإذا كان هذا هو “نهاية التاريخ” التي بشّرنا بها فرانسيس فوكوياما، صاحب كتاب “نهاية التاريخ والإنسان الأخير”، حين تحدّث عن انتصار النظام الرأسمالي الليبرالي كذروة تطور البشرية، فإنه تجاهل الحقيقة الجوهرية التي لا تزال تتكرّر مع كل أزمة: أن النظام الرأسمالي، حين يدخل طور أزماته البنيوية، لا ينهار في صمت، بل يجرّ المجتمعات برمّتها نحو دوامة من الانهيارات الاجتماعية والسياسية، وتدفع الطبقة العاملة ثمنًا باهظًا من استقرارها وكرامتها وحتى حياتها.

فكما قال كارل ماركس الذي اكتشف تناقضات النظام الرأسمالي، فإن النظام الرأسمالي يحمل في داخله بذور فنائه، عبر التناقضات الطبقية التي لا يمكن حلّها إلا بتغيير جذري في علاقات الإنتاج. وما نشهده اليوم من نهوض النضالات العمالية، وحركات الوعي الطبقي في مختلف أنحاء العالم، هو بداية استعادة التاريخ لمساره الحقيقي.. لا نهايته.

Tags: سمير عادل

محتوى ذو صلة

1111210 443865624
أمريكا

البيت الأبيض يغلق الأبواب أمام كييف: ترمب يعلّق تسليم الأسلحة ويغازل موسكو

وجّهت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضربة موجعة لحليفتها كييف بإعلان وقف تسليم شحنات أسلحة حيوية كانت مخصصة للدفاع الجوي، في خطوة وصفها مسؤولون أميركيون بأنها "ضرورية...

المزيدDetails
a 30
أمريكا

إيلون ماسك يلوّح بـ”حزب أميركا”: تهديد جدي أم فقاعة سياسية؟

بينما تواصل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب دفع مشروع قانون ضخم لخفض الضرائب وزيادة الإنفاق، خرج الملياردير إيلون ماسك بتصريحات تصعيدية توعد فيها بتأسيس حزب سياسي جديد...

المزيدDetails
Capture 23
أمريكا

إيلون ماسك يهاجم “الإنفاق المفرط” ويطالب بحزب جديد “لصالح الشعب”

شنّ رجل الأعمال الأميركي والملياردير الشهير إيلون ماسك هجومًا لاذعًا على الإنفاق الحكومي المتزايد في الولايات المتحدة، واصفًا الأحزاب السياسية القائمة بأنها تمثل مصالح النخب لا المواطنين،...

المزيدDetails
1110873.jpeg 1
أمريكا

استطلاعات الرأي في أميركا… هل تعكس واقع ترامب السياسي

منذ عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الواجهة السياسية، لا يكاد يمر يوم في الولايات المتحدة دون نشر نتائج استطلاع جديد يكشف عن مدى تأييد أو...

المزيدDetails

آخر المقالات

سوريا تحترق.. حرائق الساحل تلتهم الغابات والأردن وتركيا يدخلان خط الإطفاء

630

تتسع رقعة حرائق الغابات في محافظة اللاذقية على الساحل السوري، لليوم الرابع على التوالي، وسط ظروف مناخية قاسية ورياح قوية...

المزيدDetails

فلسطين تطالب بتدخل الجنائية الدولية ووقف تسليح جيش الاحتلال

611e2572b12977644501be0236091089 scaled 1

بيان المجلس الوطني الفلسطيني الأخير يعكس تصعيدًا واضحًا في الخطاب السياسي والمؤسساتي الفلسطيني في مواجهة آلة العدوان الإسرائيلي التي تستهدف...

المزيدDetails

ثورة رقمية في المغرب.. الذكاء الاصطناعي يلاحق الأموال المشبوهة

images 18

في ظل تطور أساليب تهريب الأموال وتعقيد شبكاتها العابرة للحدود، أعلن مكتب الصرف المغربي تبنّيه لتحول جذري في آليات الرقابة،...

المزيدDetails
Load More
ميدل إيست بوست

ميدل إيست بوست ©

تعرف على آخر تطورات المنطقة من مصادر موثوقة

  • الرئيسية
  • سياسة الخصوصية
  • إتصل بنا

تابعنا على

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • القضية الفلسطينية
    • دولة الإحتلال
  • دولي
  • شؤون عربية
  • تقارير
  • رياضة
  • صحة وجمال
  • منوعات
  • إتصل بنا

ميدل إيست بوست ©

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
نستخدم ملفات تعريف الارتباط وتقنيات التتبع الأخرى لتقديم وتخصيص محتوى الإعلانات وإتاحة مشاركة الوسائط الاجتماعية .موافقسياسة الخصوصية