في تطور دراماتيكي ينذر بتوسّع رقعة الحرب، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أن صاروخًا باليستيًا أُطلق من اليمن -وتحديدًا من جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)- سقط في محيط مطار بن غوريون الدولي، ما أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص وتوقّف مؤقّت لحركة الملاحة الجوية.
بحسب بيان رسمي للجيش الإسرائيلي، فقد تم رصد الصاروخ واعتراضه عبر منظومات الدفاع الجوي، إلا أن الشظايا الناتجة عن عملية الاعتراض تسببت بأضرار وإصابات.
وشهدت مناطق واسعة من تل أبيب الكبرى والقدس والضفة الغربية إطلاق صفارات الإنذار، في مؤشر على جدية التهديد.
الحوثيون يتبنون ويهددون بالمزيد
من صنعاء، لم يتأخر رد “أنصار الله”، ففي بيان متلفز، أكدت الجماعة مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخ، معتبرةً ذلك “رداً مشروعًا” على الغارات الإسرائيلية التي استهدفت ميناء الحديدة. وقال نصر الدين عامر، نائب رئيس الهيئة الإعلامية للجماعة، في منشور على منصة “إكس”: “العدوان الإسرائيلي الجديد على ميناء الحديدة لم يُحدث أي تأثير يُذكر على عمليات المساندة لغزة، ولا على معنويات شعبنا الذي يخرج أسبوعيًا إلى الشوارع بالملايين”.
وأكد عامر أن الهجوم لم يعرقل التحضيرات لتوسيع نطاق العمليات في عمق الأراضي المحتلة، مما يعكس إصرار الحوثيين على مواصلة التصعيد العسكري ضمن حملة “نصرة غزة”.
غارات إسرائيلية على الحديدة.. والاتهامات تتصاعد
جاء الرد الإسرائيلي سريعًا، إذ شنّت بوارج حربية غارات مكثّفة على ميناء الحديدة، حيث قالت تل أبيب إن الجماعة تستخدم الميناء “لأغراض إرهابية”، على حد تعبيرها.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “نُفّذت الغارات بهدف تعميق الضرر في البنية التحتية التي يستغلها الحوثيون لشن عمليات عسكرية ضد إسرائيل”.
لكن الحوثيين نفوا وجود أي تأثير لهذه الغارات على نشاطهم العملياتي، مشددين على أن استهداف الموانئ لن يوقف دعمهم للمقاومة الفلسطينية.
من غزة إلى البحر الأحمر.. ساحة حرب مفتوحة
منذ اندلاع الحرب في غزة واتهام إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية”، تبنّى الحوثيون حملة عسكرية استثنائية ضد المصالح الإسرائيلية. شملت هذه الحملة عشرات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، إضافة إلى تهديدات متكررة بإغلاق البحر الأحمر ومضيق باب المندب أمام الملاحة المرتبطة بإسرائيل.
وفرضت الجماعة حظرًا جويًا رمزيًا على مطار بن غوريون، وحصارًا بحريًا على ميناءي إيلات وحيفا، ما تسبب في خسائر اقتصادية واضحة، وأجبر إسرائيل على تغيير مسارات شحنها التجارية.
رسائل سياسية وعسكرية متعددة الأبعاد
يُنظر إلى التصعيد الحوثي على أنه أكثر من مجرد رد فعل تضامني مع غزة؛ بل هو مؤشر على تشكُّل محور إقليمي يربط بين صنعاء وبيروت ودمشق وطهران، في مواجهة مباشرة مع إسرائيل وحلفائها.
ويرى محللون أن إطلاق الصواريخ من اليمن يحمل رسالة مزدوجة: دعم عملي لحركة المقاومة في غزة، ورسالة ضغط على المجتمع الدولي الذي يغض الطرف عن المجازر في القطاع. كما أنه يضع إسرائيل أمام معادلة ردع جديدة في جنوب الجزيرة العربية، بعيدًا عن جبهاتها التقليدية في لبنان وسوريا.
إلى أين تتجه الأمور؟
في ظل تصاعد التصريحات والتحركات العسكرية، يبدو أن الساحة مفتوحة على مزيد من المواجهات. فالحوثيون يوسّعون بنك أهدافهم، بينما ترد إسرائيل بهجمات أكثر كثافة على البنية التحتية اليمنية.
ورغم أن المسافات بين صنعاء وتل أبيب تُقاس بآلاف الكيلومترات، إلا أن الواقع الجيوسياسي الجديد يؤكد أن لا خطوط حمراء في حربٍ أصبحت متعددة الجبهات، متداخلة المصالح، متقلبة النتائج.