شهدت العاصمة الليبية طرابلس، مساء أمس الجمعة، احتجاجات غاضبة شارك فيها مئات المواطنين في عدد من الأحياء الحيوية، مطالبين بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وذلك على خلفية وفاة الناشط المدني عبد المنعم المريمي، الذي أُعلن عن وفاته بعد أيام من اختطافه في مدينة صرمان، في ظروف لا تزال غامضة.
وتجمّع المحتجون في مناطق متفرقة من العاصمة، من بينها ميدان الجزائر وسوق الجمعة، بينما أقدم آخرون على إغلاق طرق رئيسية في أحياء مثل غوط الشعال والطريق الساحلي بمدينة الزاوية، في مشاهد تعكس اتساع رقعة الغضب الشعبي.
مقتل ناشط يُشعل فتيل الغضب
وفاة الناشط المعروف عبد المنعم المريمي كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت نيران الاحتجاجات، فبينما أعلنت السلطات أن الوفاة جاءت نتيجة سقوط عرضي، شكك حراك “إسقاط الحكومة المؤقتة” في الرواية الرسمية، مؤكدًا أن تقرير الطب الشرعي يشير إلى وجود ضربة قوية على الرأس، ما يدحض فرضية السقوط العرضي.
كما اتهم الحراك الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها جهاز الأمن الداخلي، بـ”التورط في اغتيال المريمي”، مطالبًا بتحقيق عاجل ومستقل، ومؤكدًا أن “التعتيم الإعلامي وغياب تسجيلات كاميرات المراقبة يزيد من الشبهات”.
الشارع يرفض “مبادرة الهيكلة”
ورغم إعلان رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة قبل أسابيع عن مبادرة سياسية جديدة تشمل إعادة هيكلة حكومته للخروج من الانسداد السياسي الراهن، فإن الشارع الليبي، لا سيما في طرابلس، لم يُبدِ تجاوباً مع هذه المبادرة. بل اعتبرها البعض محاولة لكسب الوقت وامتصاص الغضب الشعبي دون اتخاذ خطوات حقيقية نحو الإصلاح أو المحاسبة.
أحد المتظاهرين قال: “الدبيبة فقد شرعيته منذ زمن.. لا نريد وعوداً جديدة ولا مناورات سياسية، نريد رحيله فوراً ومحاسبة كل من تورط في جرائم بحق الشعب”.
مطالب بتحقيق دولي ومحايد
مطالب المحتجين تجاوزت المطالبة بإقالة الحكومة، لتصل إلى الدعوة لتحقيق دولي ومحايد تشرف عليه منظمات حقوقية للكشف عن ملابسات وفاة المريمي، ومحاسبة المتورطين في عمليات قمع حرية التعبير والاختطاف التعسفي.
وأكد نشطاء في الحراك أن “استمرار حالة الإفلات من العقاب، في ظل غياب مؤسسات قضائية مستقلة، سيؤدي إلى انفجار أكبر في الشارع”، داعين البعثة الأممية والمجتمع الدولي إلى “موقف حاسم تجاه الانتهاكات المتكررة”.
مشهد ليبي مرتبك.. ومخاوف من التصعيد
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه المشهد الليبي حالة من الجمود السياسي والأمني، في ظل غياب توافق حول الانتخابات العامة، وانقسام مؤسسات الدولة بين شرق البلاد وغربها.
ويخشى مراقبون من أن تتطور الاحتجاجات في طرابلس إلى مواجهات مسلحة أو فوضى أمنية، في حال استمرت السلطة الحالية في تجاهل مطالب الشارع، خاصة مع تزايد الاحتقان وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
ومع استمرار حالة الغضب الشعبي في طرابلس، يبقى السؤال الأهم: هل تستجيب الحكومة لمطالب المتظاهرين، أم أنها ستواصل تجاهلها، مما ينذر بانفجار أكبر قد يعيد ليبيا إلى مربع الفوضى؟.. الشارع يقول كلمته.