في تطور مفاجئ يُنذر بتصاعد التوترات بين شرق وغرب ليبيا، ألغت حكومة شرق ليبيا الزيارة الرسمية التي كان من المقرر أن يقوم بها وفد وزاري أوروبي يضم وزراء داخلية كل من إيطاليا واليونان ومالطا، إلى جانب مفوض الاتحاد الأوروبي للهجرة، بعد لحظات من وصولهم إلى مطار بنينا في بنغازي، مطالبة إياهم بمغادرة البلاد فوراً.
تجاوز الأعراف الدبلوماسية
قالت الحكومة، التي يترأسها أسامة حماد، في بيان شديد اللهجة، إن الوفد تجاوز الأعراف الدبلوماسية وتجاهل السيادة الليبية، معتبرة زيارته غير قانونية بسبب “عدم الالتزام بالإجراءات المنظمة لدخول وتنقل الدبلوماسيين الأجانب”.
وأوضح البيان أن الحكومة “ترفض بشكل قاطع أي تعامل مع حكومات أو وفود أجنبية لا تلتزم بالشرعية والإجراءات الليبية”، مشدداً على أن دخول الوفد دون تنسيق مباشر مع السلطات في الشرق يشكل “مخالفة صارخة للقوانين والمواثيق الدولية”.
السبب المباشر للطرد
ووفقاً لمصادر قريبة من دوائر القرار في بنغازي، فإن السبب المباشر لطرد الوفد الأوروبي كان اجتماعه في وقت سابق مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، التي لا تعترف بها حكومة الشرق كجهة شرعية.
وأكدت المصادر أن الوفد ناقش في طرابلس قضايا تتعلق بالهجرة والأمن الإقليمي دون تنسيق مسبق مع حكومة حماد، ما اعتبرته الأخيرة تجاهلاً متعمداً لكيانها السياسي وإهانة للسيادة الوطنية.
تعليق الوفد الأوروبي
في المقابل، لم تصدر أي تعليقات رسمية حتى الآن من قبل الوفد الأوروبي أو من جانب حكومة طرابلس، في حين يُتوقع أن تثير هذه الحادثة ردود فعل دبلوماسية قد تؤثر على مستقبل التعاون بين ليبيا والاتحاد الأوروبي، خاصة في ملفات الهجرة والأمن التي تمثل أولوية قصوى لكلا الجانبين.
وتأتي هذه التطورات في وقت لا تزال فيه ليبيا منقسمة بين حكومتين متنافستين؛ واحدة في طرابلس يقودها عبد الحميد الدبيبة، والأخرى في الشرق مدعومة من البرلمان الليبي برئاسة عقيلة صالح. وبينما يحاول المجتمع الدولي الدفع نحو توحيد المؤسسات الليبية، فإن حوادث مثل طرد الوفد الأوروبي تبرز عمق الانقسام الداخلي وتعقيد المشهد السياسي.
هل تتحول الأزمة إلى قطيعة دبلوماسية؟
هل تتحول الأزمة إلى قطيعة دبلوماسية؟.. يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الحادثة بداية لتوتر أوروبي-ليبي أوسع، أو مجرد موقف احتجاجي سينتهي بتوضيحات دبلوماسية. لكن المؤكد أن ليبيا، التي تقف عند مفترق طرق، لا تزال ساحة صراع نفوذ داخلي وخارجي في آن واحد.