أفاد مصدر مطلع لوكالة “فارس” الإيرانية، مساء السبت 14 يونيو 2025، أن القوات المسلحة الإيرانية نفذت هجوماً صاروخياً واسع النطاق استهدف مواقع حيوية في مدينتي تل أبيب وحيفا. وأشار المصدر إلى استخدام ثلاثة أنواع من الصواريخ الباليستية المتطورة هي: “عماد”، “قدر”، و”خيبرشكن”، وهي صواريخ ذات قدرات تدميرية دقيقة ومدى بعيد.
“الوعد الصادق 3”: من الردع إلى الهجوم المركز
العملية التي أطلقتها طهران تحت اسم “الوعد الصادق 3” تمثل نقلة نوعية في طبيعة المواجهة، ليس فقط من حيث مستوى التسلح المستخدم، بل أيضاً من حيث جغرافيا الاستهداف. إذ جرى استهداف مدينتين تعتبران قلب الاقتصاد والتجمع السكاني الإسرائيلي، مما يعكس نية واضحة لتوسيع قواعد الاشتباك والردّ على الاعتداءات الإسرائيلية التي طالت منشآت إيرانية داخل البلاد، وبعضها نُفذ عبر المجال الجوي العراقي.
دلالات نوعية الصواريخ المستخدمة
الصواريخ الثلاثة التي أُعلن عن استخدامها – وهي من أبرز منظومات التسلح الصاروخي الإيراني – تحمل في طياتها رسائل استراتيجية:
-
“عماد”: صاروخ متوسط المدى يتميز بدقة إصابة عالية، ويستخدم تقنيات توجيه متقدمة.
-
“قدر”: نسخة محسنة من شهاب-3، ويصل مداه إلى 2000 كم، ويُستخدم لاستهداف الأهداف ذات القيمة العالية.
-
“خيبرشكن”: من أحدث الصواريخ الباليستية الإيرانية، بمدى يصل إلى 1450 كم، مصنوع من مواد خفيفة وسريعة، ويمكنه اختراق الدفاعات الجوية بفعالية.
الاستخدام المتزامن لهذه الصواريخ يؤكد انتقال إيران من سياسة الرد المحدود إلى استراتيجية الضربات المحسوبة بعيدة المدى.
إسرائيل في حالة استنفار شامل
عقب الهجوم، أعلنت قيادة الجبهة الداخلية في إسرائيل حالة الطوارئ القصوى في مناطق الوسط والشمال، وفعّلت أنظمة “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” و”حيتس” للتعامل مع وابل الصواريخ. لكن تقارير إعلامية عبرية أشارت إلى أن بعض الصواريخ تجاوزت الدفاعات الإسرائيلية وأصابت منشآت صناعية ومواقع عسكرية في محيط تل أبيب وحيفا.
في المقابل، لم تصدر حتى اللحظة بيانات رسمية من الحكومة الإسرائيلية حول حجم الخسائر، لكن الصور ومقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى دمار في منشآت حيوية، بينها محطات طاقة ومخازن لوجستية.
الرسائل الإقليمية والدولية
العملية تأتي في ظل أجواء متوترة إقليمياً، خصوصاً بعد تصاعد التهديدات الإسرائيلية بضرب المنشآت النووية الإيرانية، والتحركات العسكرية الإسرائيلية في شمال العراق وسوريا. إيران، من جهتها، تسعى لإيصال رسالة مفادها أن “الردع ليس مجرد تهديد بل قدرة جاهزة للتنفيذ”، وأن أي استهداف لمصالحها الحيوية سيقابله رد مباشر على العمق الإسرائيلي.
كما تحمل العملية رسائل غير مباشرة إلى الولايات المتحدة، مفادها أن تجاهل التصعيد الإسرائيلي سيجرّ المنطقة إلى مواجهة شاملة، وقد يفتح الباب أمام اشتباك أوسع يشمل قواعد أمريكية في المنطقة.
ماذا بعد هذا الهجوم؟
تبقى الأسئلة الجوهرية مطروحة حول شكل الرد الإسرائيلي المحتمل، وما إذا كانت تل أبيب ستكتفي برد موضعي لاحتواء التصعيد، أم ستتجه نحو ضربة مضادة قد تشمل أهدافاً داخل إيران. كما أن موقف المجتمع الدولي، ولا سيما واشنطن وموسكو، سيحدد إلى حد بعيد المسار القادم، سواء باتجاه التهدئة أو الانزلاق إلى حرب إقليمية مفتوحة.
الواضح أن إيران رفعت سقف المواجهة عبر توجيه ضربة مباشرة إلى العمق الإسرائيلي باستخدام صواريخ باليستية متطورة لكن الرد الإسرائيلي المرتقب، والموقف الدولي من هذا التصعيد، سيشكلان المفصل الأساسي في تحديد شكل المرحلة القادمة من هذا الصراع المعقد والمفتوح على جميع الاحتمالات.