وصل نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى العاصمة اللبنانية بيروت قادماً من القاهرة، في زيارة رسمية ضمن جولة إقليمية تشمل عدداً من الدول في غرب آسيا.
وأكد عراقجي في تصريح من مطار بيروت أن بلاده “تولي أهمية بالغة لاستقلال لبنان وسيادته ووحدة أراضيه”، مشددًا على أن طهران “لا تتدخل في شؤون لبنان الداخلية”.
تأكيد الدعم والتقارب: إيران تفتح صفحة جديدة؟
عراقجي أوضح أن زيارته تأتي في سياق السياسة الخارجية الإيرانية التي تضع دول الجوار، وخصوصًا دول غرب آسيا، على رأس أولوياتها، قائلاً:” لطالما دعمنا سيادة لبنان ووحدة أراضيه في كل المراحل، وما زلنا ندعمه في ظل الظروف الحالية الصعبة. نأمل فتح صفحة جديدة في العلاقات على أساس الاحترام المتبادل”.
ويُنتظر أن يلتقي المسؤول الإيراني اليوم كلاً من رئيس الجمهورية اللبنانية، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة، إضافة إلى وزير الخارجية، في لقاءات قد تحمل أبعاداً سياسية في ظل الجمود القائم على الساحة اللبنانية.
قراءة بين السطور: ماذا تعني الزيارة الآن؟
تأتي زيارة عراقجي في وقتٍ يشهد فيه لبنان انسدادًا سياسيًا وأزمة اقتصادية غير مسبوقة، إضافة إلى تصاعد التوترات الإقليمية.
ويرى مراقبون أن توقيت الزيارة ومضمون التصريحات يهدفان إلى بعث رسائل تطمين للداخل اللبناني، وللدول الإقليمية، بأن إيران لا تسعى إلى فرض أجندة داخلية، بل تسعى لترسيخ شراكة سياسية واحترام متبادل.
رسالة تهدئة أم تأكيد نفوذ؟
بحسب الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور فادي العلي، فإن الزيارة “جزء من محاولات إيران لتثبيت دورها الإقليمي عبر الأدوات الدبلوماسية الناعمة”، مضيفًا: “الرسالة المعلنة هي احترام السيادة، لكن الرسالة غير المعلنة قد تتعلق بتأكيد النفوذ، خصوصًا في ظل الانقسام السياسي في لبنان وتراجع المبادرات العربية والدولية”.
في المقابل، ترى الباحثة في العلاقات الدولية، رنا الحاج، أن الزيارة “تمثل فرصة للبنان لإعادة تموضعه الخارجي، شريطة الحفاظ على التوازن بين العلاقات مع إيران والدول الخليجية والغربية”.
المستقبل: لبنان بين الضغوط والانفتاح؟
تشير مؤشرات عديدة إلى أن زيارة عراقجي قد تكون تمهيدًا لتحركات إيرانية أكبر في لبنان والمنطقة، ضمن مرحلة ما بعد الصراع في غزة، وسياق التفاهمات غير المعلنة بين طهران وبعض العواصم الغربية.
ومع ذلك، يبقى مستقبل لبنان مرهونًا بقدرته على تحقيق التوافق الداخلي، واستثمار الانفتاح الإقليمي بعيدًا عن الاستقطاب، وهو ما أشار إليه الرئيس اللبناني السابق ميشال عون خلال لقائه وفدًا إيرانيًا قائلاً: “تعبنا من حروب الآخرين على أرض لبنان”.