في ظل تجديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لانتقاداته الحادة لإيران، واعتبارها “تهديداً وجودياً” يتربص ببلاده والعالم، خاصة إذا ما امتلكت أسلحة نووية، وفي خضم تأكيدات معهد العلوم والأمن الدولي بشأن قيام طهران بتحصين مواقعها النووية تحت الأرض، جاء رد إيراني حازم ومُبطن بالتحذير.
فقد استخدم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي منصة “إكس” لتوجيه رسالة قوية إلى إسرائيل، محذراً إياها من مغبة عرقلة مسار المحادثات النووية الجارية بين إيران والولايات المتحدة. هذا التحذير جاء وسط تقارير متزايدة عن قيام إيران بتحصين منشأة نووية جديدة تقع جنوب نطنز، مما يزيد من حدة التوتر الإقليمي.
تحذير إيراني من “عرقلة مسار الدبلوماسية”
في تغريدته التي نشرها مساء أمس الأربعاء، أكد عراقجي أن “محاولات النظام الإسرائيلي وبعض الجماعات ذات المصالح الخاصة لعرقلة مسار الدبلوماسية – باستخدام أساليب متنوعة – واضحة للعيان”. هذا التصريح يشير بوضوح إلى قلق إيران من محاولات إسرائيلية محتملة للتأثير سلباً على المفاوضات النووية التي تحاول طهران من خلالها التوصل إلى اتفاق جديد مع واشنطن.
لم يقتصر تحذير عراقجي على الجانب الدبلوماسي، بل شمل أيضاً رسالة أمنية واضحة. فقد شدد على أن “الأجهزة الأمنية الإيرانية في حالة تأهب قصوى نظرًا لحالات سابقة من محاولات التخريب وعمليات الاغتيال المصممة لاستفزاز رد فعل مشروع”. هذا التأكيد يعكس خشية إيران من تكرار سيناريوهات سابقة شهدت استهداف علماء نوويين إيرانيين ومنشآت نووية، والتي تتهم طهران إسرائيل بالوقوف خلفها.
“شبح مرعب” ورسالة ضمنية بشأن صور الأقمار الصناعية
في خطوة لافتة، أرفق عراقجي تغريدته بصورة مُعدلة بواسطة الأقمار الصناعية يظهر عليها وجه شبح “مرتعب”. واعتبر أن “من المتوقع أن يلجأ أولئك الذين يسعون للتلاعب بالرأي العام إلى ادعاءات وهمية وحجج مضللة، مثل صور الأقمار الصناعية المرعبة”. هذا التعليق يأتي في سياق التقارير التي نشرها معهد العلوم والأمن الدولي والتي استندت إلى صور أقمار صناعية تُظهر أنفاقاً جديدة بالقرب من منشأة نطنز، وإجراءات أمنية مُشددة.
في محاولة لتبديد المخاوف الغربية والإسرائيلية، أكد عراقجي أن “كل مليغرام من اليورانيوم المخصب في إيران يخضع لإشراف ومراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية الكاملة والمستمرة”. هذا التأكيد يأتي في وقت تزايدت فيه الشكوك حول طبيعة الأنشطة النووية الإيرانية ومدى شفافيتها.
The attempts by the Israeli regime and certain Special Interest groups to derail diplomacy—using variety of tactics—is abundantly clear for all to see.
Our security services are on high alert given past instances of attempted sabotage and assassination operations designed to… pic.twitter.com/yW4FXO0za6
— Seyed Abbas Araghchi (@araghchi) April 23, 2025
تأتي هذه التصريحات المتبادلة بعد تحذير أطلقه المدير العام للوكالة الذرية رفاييل غروسي، الذي أكد أن “أي هجمات على منشآت نووية ستكون عواقبها بغاية الخطورة”. كما حض غروسي إيران على توضيح أسباب وجود أنفاق حول منشأة نطنز النووية، معرباً عن أمله في أن تُثمر المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران.
في سياق متصل، أفادت مصادر مطلعة بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد ردع إسرائيل عن شن ضربات على مواقع نووية إيرانية، وذلك لإفساح المجال أمام الجهود الدبلوماسية، وفق ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” قبل أيام. هذه التقارير تشير إلى وجود خلافات في وجهات النظر بين واشنطن وتل أبيب بشأن كيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني.
ترقب لجولة محادثات ثالثة في سلطنة عمان
تأتي هذه التطورات المتسارعة قبل أيام قليلة من الموعد المرتقب لعقد جولة محادثات ثالثة بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان يوم السبت المقبل. وتهدف هذه الجولة إلى مناقشة سبل التوصل إلى اتفاق نووي جديد، بعد جولتين سابقتين عُقدتا في مسقط وروما ووصفتا بالإيجابية والبناءة.
يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التصريحات المتبادلة ستؤثر سلباً على الجولة الثالثة من المحادثات في سلطنة عمان. فبينما يبدو أن هناك رغبة لدى الطرفين في استمرار الحوار، إلا أن التوتر الإقليمي والشكوك المتبادلة قد تعرقل جهود التوصل إلى اتفاق. إن قدرة الوسطاء الدوليين، وعلى رأسهم سلطنة عمان، على تهدئة الأجواء وبناء الثقة بين الطرفين ستكون حاسمة في تحديد مسار هذه المفاوضات الحساسة.