أثار إعلان مسؤول في «الحشد الشعبي» العراقي عن تهديد الرواتب نتيجة عقوبات أميركية جديدة، قلقاً واسعاً في الأوساط السياسية والعسكرية في بغداد.
وكشف ميثم الزيدي، قائد في «حشد العتبات» التابع للمرجعية الدينية، أن البنك الفيدرالي الأميركي وجّه بوقف عمل الشركة التي تتولى توزيع الرواتب، عبر إشعار رسمي لمصرف الرافدين وهيئة الحشد الشعبي.
اتهامات بالفساد تُعمّق الأزمة
التحذير من وقف الرواتب جاء متزامناً مع اتهامات متكررة بوجود ملفات فساد داخل الهيئة، خاصة فيما يتعلق بـ«المقاتلين الوهميين».
الزيدي أشار إلى أن أكبر ملفات الفساد في العراق ارتبطت بالتعيينات في صفوف الحشد، وهو ما يعيد إلى الواجهة الحديث عن غياب الشفافية والرقابة على نحو ملياري دولار تُصرف سنوياً للهيئة من موازنة الدولة.
جدل سياسي حول إدارة «الحشد» ومصادر تمويله
من جهته، صرّح النائب المستقل سجاد سالم بأن «الحشد الشعبي» يتلقى ميزانية ضخمة دون إشراف حكومي كافٍ، مشيراً إلى ضعف الشفافية في الصرف وتوزيع الرواتب، وسط غياب بيانات رسمية دقيقة.
وتتباين المواقف داخل العراق بشأن علاقة الهيئة بالحكومة المركزية، إذ تتبع فصائل «حشد العتبات» توجيهات المرجعية في النجف وتطالب بإدارة مستقلة عن بقية فصائل الحشد التي يُنظر إليها على أنها مقربة من طهران.
خلفيات أميركية ودلالات توقيت العقوبات
تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوتر بين واشنطن وبعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق، وتُقرأ العقوبات الجديدة على أنها جزء من سياسة ضغط مالي على الجهات التي تعتبرها الولايات المتحدة مهددة لاستقرار البلاد أو منخرطة في نشاطات تتعارض مع مصالحها في المنطقة.
ومن غير الواضح بعد حجم التأثير الفعلي لهذه الإجراءات على المشهد الأمني والسياسي داخل العراق، إلا أن مراقبين يرون فيها بداية لتحركات أميركية أكثر جرأة لكبح نفوذ الجماعات المسلحة.
الحكومة العراقية في موقف حرج
ورغم أن الحكومة لم تُصدر بعد تعليقاً رسمياً، فإنها تجد نفسها أمام معادلة صعبة: إما الالتزام بالعقوبات الأميركية التي قد تمس مخصصات عشرات آلاف المنتسبين، أو التصادم مع السياسات الأميركية في وقت لا يزال فيه الاقتصاد العراقي معتمداً على قنوات مالية دولية تشرف عليها واشنطن بشكل غير مباشر.
أزمة رواتب «الحشد الشعبي» قد لا تكون أزمة مالية فحسب، بل مرآة لصراع أعمق حول طبيعة الدولة العراقية، وتوازنها بين ضغوط الخارج وحساسيات الداخل.
الأسابيع المقبلة قد تكون حاسمة، ليس فقط لمصير رواتب المنتسبين، بل لموقع «الحشد» في المعادلة الأمنية والسياسية للبلاد.