العمليات التي تقوم بها حركة حماس تجاه جيش الاحتلال الإسرائيلي، قد تكون فعّالة تكتيكيًا بالنسبة لها، لكنها مُربكة استراتيجيًا إذا لم تُربط برؤية سياسية واضحة،
والاستمرار في المواجهة مع الاحتلال دون خطة لما بعد الحرب يُؤدي بشكل مباشر إلى استنزاف حياة المدنيين.
تعتقد كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن عملياتها تؤدي لاستنزاف قوات الاحتلال المتوغلة في غزة، وإيصال رسالة سياسية بأن المقاومة ما زالت تملك “اليد العليا” ميدانيًا، والضغط على الاحتلال في ملفات مهمة مثل تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
وجاءت عملية “كسر السيف” الأخيرة مثال صارخ، فهي هجوم مركب استهدف قيادة عسكرية حساسة، ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة آخرين، بما فيهم 3 مجندات. عسكريًا العمليات تثبت أن القسام ما زال يملك القدرة على “المباغتة”، وهو مكسب للحركة فقط، ولكنها في نفس الوقت تتسبب في تعقيد المشهد، أكثر مما هو عليه، مما يهدد مسارات التفاوض للتوصل إلى الهدنة.
ورقة ضغط
سياسيًا قد تُستخدم كورقة ضغط على طاولة المفاوضات، خاصة في ملف الأسرى. لكنها أيضًا تُعطي الاحتلال “مبررًا” للتمادي في القصف. استمرار العمليات التي تقوم بها حماس مع تصاعد الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار يجعل من كل عملية ذريعة للاحتلال للتنصّل من التهدئة.
بعض الهجمات قد تُربك جهود الوساطة التي تقوم بها “مصر وقطر” وتُعقّد المشهد بدلًا من تسهيله، ويدفع المدنيون الثمن نتيجة الردود الإسرائيلية الانتقامية. لأن الاحتلال يستخدم كل عملية مقاومة كغطاء لتبرير قصف واسع النطاق للمدنيين والمنشآت.
إرباك الوسطاء
لا يوجد حتى الآن هيكل سياسي موحد أو خطة واضحة من حركة حماس حول “ما بعد الحرب”، مما يُشوش على الهدف الاستراتيجي للمقاومة، وطرح الشارع الفلسطيني تساؤلات: “إلى متى سنقاتل؟ وما هو مآل هذا الصراع؟ وهل هناك بديل سياسي حقيقي؟”
العمليات مثل “كسر السيف” تعطي إسرائيل فرصة للتهرّب من وقف النار، بحجة “أن حماس ما زالت تقاتل”. وتُربك الوسطاء الدوليين وتُبطئ وتيرة التفاهمات. ويؤكد ذلك التصريح الذي أدلى به مسؤول إسرائيلي سابق عندما قال: “كل عملية من القسام تؤخّر التهدئة لأسبوع إضافي على الأقل!”.