في أولى خطاباته التي تحمل ملامح استراتيجية داخلية شاملة، جدد الرئيس اللبناني جوزيف عون تمسكه بخيار المواجهة المؤسسية للفساد، مشددا على أن الخلاص لا يكون إلا بتكامل الإرادة السياسية مع الشفافية القضائية، وبدور فاعل للمواطنين في محاسبة منظومة الفساد المتجذرة.
عون الذي تحدث في سياق تزايد الضغوط الدولية والمحلية لإحداث تغيير ملموس في بنية الدولة اللبنانية، اعتبر أن الحكومة الإلكترونية تمثل مدخلًا أساسيا للحد من الرشاوى والزبائنية، معلنا أن “التشكيلات القضائية ستصدر قريبا”، ومؤكدا الاستمرار في “فتح ملفات الفساد”.
الرئيس الجديد الذي لم يمضِ على تسلمه الرئاسة سوى بضعة أشهر، بدا عازما على رسم معالم نهج إصلاحي، يعتمد على تسريع إقرار القوانين الضرورية بالتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مشيرا إلى أن “لبنان لا يملك ترف الوقت”، في إشارة إلى عمق الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تضرب البلاد منذ أعوام.
وفي سياق إعادة هيكلة الثقة بين الدولة والمواطن، والتي بدت شبه معدومة خلال العقد الأخير، أقرّ عون بأن “سنوات من الاهتراء في الإدارات العامة والفساد المستشري” ساهمت في تقويض العلاقة بين اللبنانيين ودولتهم، لكنه أصرّ على أن “لا وجود للمستحيل إذا ما توفرت الإرادة الصافية”.
كما لفت إلى أن الرهان لا يجب أن يكون فقط على الداخل، بل أيضًا على استعادة الكفاءات اللبنانية في الخارج، قائلا: “من واجبنا إعطاء الفرصة للبنانيين الذين يبرعون في الخارج ليبدعوا داخل وطنهم”.
رهان عون على القضاء النزيه والتقنيات الحديثة في إدارة الدولة، يضعه في مواجهة مباشرة مع تركيبة سياسية نخرت مؤسسات الدولة لعقود. فهل سينجح الرجل القادم من المؤسسة العسكرية في إطلاق دينامية جديدة؟ أم أن مسار التصدي للفساد سيتعثر مجددًا على عتبات المصالح الطائفية والمحاصصة؟