انطلقت قاذفات استراتيجية أميركية من طراز B-2 Spirit من قاعدة “وايتمان” الجوية بولاية ميزوري، متجهة غرباً فوق المحيط الهادئ، وسط تكهنات حول احتمالية تدخل عسكري أميركي في المواجهة المتصاعدة بين إيران وإسرائيل. هذه الطائرات الشبحية تُعدّ من بين أخطر الأسلحة في الترسانة الأميركية، لكونها الوحيدة القادرة على حمل القنبلة الخارقة للتحصينات GBU-57 المعروفة باسم “مطرقة الله”، والتي يُعتقد أنها صُممت لاختراق الملاجئ النووية الأكثر تحصينًا.
وبحسب تقارير نقلتها صحيفة نيويورك تايمز ومواقع متخصصة بتتبع حركة الطيران العسكري، شوهدت الطائرتان في الأجواء فوق سواحل كاليفورنيا برفقة طائرات للتزود بالوقود جواً، في إشارة إلى مهمة بعيدة المدى يُرجّح أن وجهتها جزيرة غوام، القاعدة الأميركية المتقدمة في المحيط الهادئ.
اجتماع طارئ في البيت الأبيض
بالتوازي مع التحرك العسكري، عقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن القومي، لبحث الخيارات المتاحة للرد على التصعيد الإيراني الإسرائيلي الذي بلغ ذروته خلال الأسبوعين الأخيرين. وتفيد تسريبات إعلامية بأن النقاشات شملت احتمال توجيه ضربة محدودة ضد منشآت إيرانية تعتبرها واشنطن خطراً مباشراً على أمن حلفائها وعلى المصالح الأميركية في المنطقة.
ووفقًا لمصادر مقربة من دوائر صنع القرار في البيت الأبيض، فإن الرئيس ترمب “لم يتخذ بعد القرار النهائي بشأن التحرك العسكري”، لكنه أوضح لمستشاريه أن “الخيار العسكري على الطاولة بشكل جدي”، في حال لم تُظهر طهران استعداداً للعودة إلى طاولة المفاوضات ووقف التصعيد الصاروخي ضد إسرائيل.
رسالة ردع… أم تمهيد لمعركة؟
التحرك الجوي لقاذفات B-2 لا يُعدّ مجرد استعراض قوة، بل رسالة صريحة لإيران — وربما للصين وروسيا أيضاً — مفادها أن الولايات المتحدة ما زالت قادرة على إسقاط قنبلة واحدة تغيّر قواعد اللعبة بأكملها. وقد سبق أن استخدمت واشنطن تكتيك نشر B-2 في جزيرة غوام خلال أزمات كبرى في شرق آسيا، ما يمنح الخطوة دلالات جيوستراتيجية إضافية.
وفي الوقت الذي تبقي فيه وزارة الدفاع الأميركية على صمتها الرسمي بشأن وجهة الطائرتين وطبيعة المهمة، يتصاعد التوتر الدبلوماسي والعسكري، في انتظار قرار قد يعيد تشكيل المشهد الإقليمي برمّته.
مستقبل الأزمة على المحك
تأتي هذه التطورات في لحظة مفصلية من التصعيد الإيراني الإسرائيلي، إذ تتبادل العاصمتان الضربات الصاروخية منذ 13 يونيو، بينما تحاول الولايات المتحدة في الظاهر احتواء التصعيد، وفي العمق، تُمهّد ميدانياً لأي سيناريو محتمل.
المعادلة أصبحت أكثر تعقيداً: قاذفات B-2 في الأجواء، والرئيس الأميركي في حالة تشاور مكثف، والقوى الأوروبية تحاول إنقاذ المسار الدبلوماسي. لكن إن لم تُفلح السياسة، فإن الحرب قد تُصبح خيارًا يطرق أبواب الواقع سريعاً.