في شوارع مدينة نوى جنوب سوريا ، لم يعد الليل سوى وقتٍ لعدّ الغارات الجوية. “الساعة التاسعة مساءً أصبحت مرادفة للذعر”، تقول أم حسن، وهي أم لثلاثة أطفال تسكن حيًا قريبًا من بلدة إزرع، التي تعرضت لقصف إسرائيلي مساء السبت الماضي. كانت تتحدث بصوت مرتجف لمراسلنا في دمشق، وتضيف: “اهتزت نوافذ المنزل من قوة الضربة… لم أرَ أولادي يرتجفون بهذا الشكل منذ سنوات، حتى أيام القصف في الحرب الأولى لم يكونوا هكذا”.
منذ الهجمات التي استهدفت الأقلية الدرزية مؤخرًا، وتزايد دعم إسرائيل العلني لتلك الجماعة في محافظة السويداء، تشهد مناطق درعا والقنيطرة ونوى حالة من الذعر. سكان هذه المناطق، ومعظمهم من السنّة، يعيشون في حالة ترقب ثقيلة، كأنهم في انتظار كارثة وشيكة لا يعلمون من أين ستأتي.
في مقهى شعبي وسط مدينة درعا، يهمس أحد الزبائن قائلاً: “لا أحد يتحدث بصوت عالٍ، الناس خائفة، حتى من الحديث. كل ما نعرفه أن هناك طائرات تحوم، وأن أحدهم يقرر عنّا مصيرنا من الجو”.
الرواية الرسمية الإسرائيلية تتحدث عن “أهداف عسكرية مرتبطة بإيران أو حزب الله”، لكن السكان لا يرون في السماء إلا شبحًا معلقًا فوق رؤوسهم. “لم نعد نعرف من هو العدو”، يقول أحمد، مدرّس لغة عربية في مدينة القنيطرة، “الميليشيات على الأرض، إسرائيل في الجو، والنظام لا نراه، لكننا نشعر بثقله في كل قرار وفي كل خوف”.
التحركات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة، بما فيها الغارات التي اقتربت من حدود دمشق، تثير مخاوف حقيقية من احتمال توسيع العمليات إلى الأرض، تحديدًا نحو منطقة السويداء. هذا الاحتمال، الذي لم تؤكده أي جهة رسمية حتى الآن، بات حاضرًا في أحاديث الناس، وأحاديث أطفالهم. أحد الآباء في بلدة الجيزة قال: “ابني الصغير يسألني: هل الطائرة ستضربنا غدًا؟ لم أعد أجد جوابًا مقنعًا”.
أما في قرية بريقة القريبة من الجولان، فقد بدأ بعض الأهالي بالفعل في ترك منازلهم والنزوح إلى أطراف المدينة. فادي، شاب في أواخر العشرينات، قال إنه لا يثق بأي جهة “الجميع يتحدث باسمنا، لكن لا أحد يحمينا”. بالنسبة له، الحرب هذه المرة “أكثر صمتًا… لكنها أكثر رعبًا”.
من جهة أخرى، أبدى بعض سكان السويداء تخوفهم من أن يتحول الدعم الإسرائيلي لقضيتهم إلى لعنة. “لسنا بحاجة لحرب بالوكالة على أرضنا”، تقول ريم، طالبة جامعية من أبناء الطائفة الدرزية، “نريد أن نبقى بعيدين عن هذه النيران المتقاطعة. أي تدخل بري إسرائيلي سيكون له عواقب وخيمة، ليس فقط على المنطقة، بل على نسيجنا الاجتماعي الداخلي”.
المنظمات الإنسانية الدولية لم تصدر بعد أي تحذيرات رسمية، لكن مصادر محلية تتحدث عن ارتفاع عدد العائلات التي بدأت بتخزين المؤن، والعودة إلى الملاجئ القديمة التي حفرتها الحرب الأولى. الأحاديث عن لجوء جديد، عن خوف من التهجير، وعن فقدان السيطرة على المصير، تُعيد إلى الأذهان ذكريات 2011 وما بعدها.
مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين في الجولان السوري المحتل
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، مقتل أحد جنوده وإصابة 3 آخرين في “حادث سير” أثناء تنفيذ مهمة بهضبة الجولان السورية المحتلة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان نشره على منصة “إكس”: إن عسكريًا في كتيبة 890 لواء المظليين، لقي مصرعه في حادث سير أثناء تنفيذ مهمة في مرتفعات الجولان.
وتحتل إسرائيل منذ عام 1967 معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد في البلاد بعد إسقاط نظام بشار الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.
كما احتلت “جبل الشيخ” الإستراتيجي، الذي لا يبعد عن العاصمة دمشق سوى 35 كلم، ويقع بين سوريا ولبنان ويطل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما يمكن رؤيته من الأردن، وله أربع قمم أعلاها يبلغ طولها 2814 مترًا.
كما تشن تل أبيب بوتيرة شبه يومية منذ أشهر غارات جوية على سوريا، ما أدى إلى مقتل مدنيين، وتدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري. كما طال القصف اليوم موقعًا قريبًا من قصر الرئاسة في دمشق