فعّلت عدة دول عربية خطط طوارئ شاملة في قطاعات حيوية، في أعقاب التصعيد العسكري غير المسبوق بين إسرائيل وإيران، والذي بدأ فجر الجمعة بهجوم إسرائيلي واسع النطاق استهدف منشآت نووية ومراكز أبحاث وقواعد عسكرية داخل الأراضي الإيرانية.
وفي ظل ما وصفته بعض العواصم الإقليمية بـ”أخطر تصعيد منذ سنوات”، شملت الإجراءات الاحترازية مجالات الطاقة والطيران والأمن القومي، تحسبًا لانعكاسات مباشرة أو غير مباشرة على استقرار المنطقة.
مصر: خطة طوارئ للطاقة بعد توقف الغاز الإسرائيلي
في القاهرة، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن وزارة البترول المصرية بدأت تنفيذ خطة طوارئ عاجلة لتأمين احتياجات الطاقة بعد توقف إمدادات الغاز من إسرائيل، إثر إغلاق حقل “ليفياثان” البحري، الذي يُعد أكبر حقل غاز في إسرائيل.
وأوضحت مصادر مطلعة أن مصر -التي تعتمد على جزء من الغاز الإسرائيلي لإعادة التسييل والتصدير، وكذلك لتغذية الشبكة القومية خلال فترات الذروة- شرعت في تدوير المخزون المحلي وتعزيز الإنتاج الداخلي، بالتوازي مع تقنين الاستهلاك في بعض القطاعات غير الحيوية.
الوزارة أكدت أن الإجراءات تهدف لضمان استمرار تشغيل محطات الكهرباء وخدمة ملايين المستهلكين، في وقت تواجه فيه المنطقة تقلبات خطيرة قد تطول شبكات البنية التحتية الحيوية.
إغلاق جماعي للمجالات الجوية وتكثيف الطلعات العسكرية
في سياق متصل، أعلنت عدة دول عربية إغلاق مجالاتها الجوية مؤقتًا، على خلفية ما بات يُعرف إعلاميًا باسم عملية “الأسد الصاعد”، التي شنتها إسرائيل ضد إيران.
ففي الأردن، أغلقت هيئة الطيران المدني المجال الجوي مساء الجمعة، قبل أن تعيد فتحه صباح السبت، عقب ساعات من اعتراض الجيش الأردني صواريخ ومسيرات اخترقت الأجواء، وسط تحليق مكثف للطيران الحربي في سماء المملكة.
أما العراق، فقد أعلنت وزارة النقل تعليق جميع الرحلات الجوية وإغلاق المجال الجوي “حتى إشعار آخر”، معللة القرار بـ”التوترات الإقليمية الحادة”.
كما أغلقت سوريا مجالها الجوي بالكامل، وتوقفت الخطوط الجوية السورية عن تسيير الرحلات من وإلى السعودية والإمارات، نظرًا لتقاطع خطوط الطيران مع أجواء مغلقة في الأردن والعراق.
معابر حدودية مغلقة وتحذيرات سفر متصاعدة
إلى جانب الأجواء، شهدت حركة المعابر البرية بدورها قيودًا مشددة؛ إذ أغلقت السلطات الأردنية معبر جسر الملك حسين الذي يربط الضفة الغربية بالأردن، وذلك بالتوازي مع إغلاق الجانب الإسرائيلي للمعبر نفسه.
من جهتها، دعت سلطنة عمان مواطنيها إلى مغادرة مناطق التوتر فورا وتأجيل السفر إليها حتى إشعار آخر، في مؤشر على قلق إقليمي متزايد من اتساع نطاق المواجهة.
200 طائرة إسرائيلية وقصف مركز.. وطهران تتوعد
الهجوم الإسرائيلي الواسع الذي بدأ فجر الجمعة، جاء بمشاركة أكثر من 200 طائرة مقاتلة، بحسب ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي أكد أن الغارات استهدفت منشآت نووية ومراكز تطوير صواريخ باليستية ومقار عسكرية في عمق إيران.
وأسفر القصف، وفق ما نقلته وكالة “تسنيم” الإيرانية، عن مقتل 6 علماء نوويين وعدد من القادة العسكريين، ما دفع طهران إلى الرد سريعًا بإطلاق مئات الصواريخ تجاه الأراضي المحتلة، في تصعيد وصفه المراقبون بأنه قد يجرّ المنطقة إلى مواجهة واسعة النطاق.
وتعهد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بـ”عقاب صارم” لإسرائيل، معتبرًا أن ما حدث “لن يمر دون رد رادع”، وسط تحركات عسكرية إيرانية مكثفة في محيط الخليج العربي.
فرنسا تتحرك: حماية البعثات وتحذير للمواطنين
من جهتها، أعلنت فرنسا اتخاذ إجراءات استثنائية لحماية بعثاتها الدبلوماسية وقواتها في الشرق الأوسط، حيث أكد الرئيس إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحفي في باريس أن حكومته “لن تتهاون مع أي تهديد لمصالحها”، داعيًا المواطنين الفرنسيين إلى عدم السفر إلى المنطقة “تحت أي ذريعة”.
مستقبل غير واضح ومخاوف من التمدد الإقليمي
وسط هذا التصعيد، تبدو المنطقة أمام مرحلة شديدة الخطورة، في ظل غياب أي مؤشرات لاحتواء النزاع أو وقف التصعيد. ووفق محللين، فإن اتساع دائرة الإجراءات الاحترازية يشير إلى أن كثيرًا من الدول تتهيأ لأسوأ السيناريوهات، بما في ذلك احتمال انخراط أطراف أخرى في النزاع الإيراني الإسرائيلي المستعر.
وفي الوقت الذي تتسابق فيه العواصم لحماية أمنها القومي وضمان استمرارية الخدمات الأساسية، تبقى الكلمة الأخيرة في هذه الأزمة معلقة على إيقاع الصواريخ والطائرات الحربية.