تسعى السلطة الوطنية الفلسطينية في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني إلى تعزيز قدرتها على توفير الحماية الاقتصادية والاجتماعية للفئات الأكثر تضرراً من تداعيات الحرب، عبر مؤسساتها وبرامجها التنموية. ويأتي تسلم الرئيس محمود عباس للتقرير السنوي الصادر عن المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي لعام 2024 في هذا السياق، حيث يمثل محطة مهمة في التأكيد على التزام القيادة السياسية بدعم جهود التمكين والتعافي الاجتماعي، رغم تصاعد الأزمات الأمنية والإنسانية.
توسيع دائرة الحماية الاقتصادية
تُظهر المؤسسة الوطنية للتمكين الاقتصادي دوراً متزايداً في تحفيز الاستجابات المؤسسية السريعة لاحتياجات المواطنين، عبر برامج تستهدف تعزيز الاعتماد على الذات، وتحفيز النشاط الإنتاجي، لا سيما في صفوف النساء والشباب والعاطلين عن العمل. وعلى الرغم من الظروف الاستثنائية التي تفرضها الحرب، إلا أن المؤسسة تمكنت من تنفيذ جزء معتبر من خططها وبرامجها، ما يدل على فاعلية نسبية في عملها، وعلى إرادة الاستمرار في مشاريع التمكين كرافعة للمجتمع الفلسطيني.
ويعكس دعم الرئيس عباس لهذا المسار رغبة حقيقية لدى القيادة الفلسطينية في عدم الارتهان للمساعدات الطارئة فقط، بل توسيع دائرة الحماية الاقتصادية طويلة الأمد، من خلال مؤسسات تدمج المعونة بالتنمية. وهذا ما يمنح البرامج الاجتماعية طابعاً استراتيجياً لا يقتصر على إدارة الأزمة، بل يتعداه إلى مقاومة الفقر المتزايد، وتقليص آثار العدوان على المجتمع المدني.
حماية المواطن من التهميش
ومع تفاقم الفقر والبطالة وتآكل البنى التحتية بفعل العدوان، تصبح هذه المبادرات أداة من أدوات الصمود الاجتماعي في وجه المحاولات الإسرائيلية لتركيع الشعب الفلسطيني اقتصادياً. كما يُعزز العمل وفق معايير الشفافية والرقابة المؤسسية من ثقة المواطنين في دور المؤسسة، ويمنع تحوّل برامج الدعم إلى أدوات للزبائنية أو الاستخدام السياسي الضيق.
ورغم شُح الموارد وتراجع الاقتصاد الوطني، تُعد مؤسسة “تمكين” نموذجاً يمكن البناء عليه لتعميمه في باقي القطاعات، من حيث قدرتها على توفير تدخلات تكاملية بين الإغاثة والتمكين، وبين الحماية الطارئة والاستدامة طويلة الأجل. ويُعزز ذلك من مكانة السلطة كطرف فاعل في حماية المواطن من التهميش، في ظل سياسات الاحتلال التي تستهدف البنية المجتمعية والاقتصادية على حد سواء.
يمكن القول إن التقرير السنوي وتسليمه للرئيس في هذا التوقيت يحمل بعداً رمزياً أيضاً، يؤكد أن السيادة السياسية لا تنفصل عن المعركة الاجتماعية، وأن مقاومة الاحتلال لا تكون فقط بالسلاح، بل أيضاً بتعزيز قدرة المواطنين على الحياة والانتاج والبقاء، رغم الحصار والدمار.