في مؤتمر صحفي مشترك جمع وزيري خارجية المغرب ومصر، تلاقت مواقف الرباط والقاهرة حول إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الفلسطينيين، والتأكيد على دعم جهود الإغاثة وإعادة إعمار غزة، وسط دعوات دولية متزايدة لحل الدولتين كطريق وحيد للسلام.
بوريطة: لا يمكن الصمت أمام تجويع الفلسطينيين وتدمير غزة
أعرب وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، خلال مؤتمر صحفي في الرباط مع نظيره المصري، عن رفض بلاده القاطع للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، وخاصة على قطاع غزة، وما يصاحبها من “اقتحامات للمقدسات الإسلامية، وتدمير ممنهج للبنية التحتية، وتجويع للشعب الفلسطيني”.
وقال بوريطة: “ما يتعرض له الشعب الفلسطيني لا يمكن القبول به لا إنسانيًا ولا سياسيًا”، معتبرًا أن “هذه السياسات الإسرائيلية لا تخدم سوى تأجيج الصراع، وتقويض أي أمل في السلام”.
وأكد أن المغرب، بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، سيواصل تقديم الدعم الإنساني والسياسي للفلسطينيين، والدفع في اتجاه حل عادل وشامل للقضية.
عبد العاطي: لا لتصفية القضية الفلسطينية.. ولا تهجير لغزة
من جانبه، شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على أن القضية الفلسطينية تظل “الأولوية المركزية للسياسة الخارجية المصرية”، مؤكدًا رفض بلاده “لكل محاولات تصفية القضية، ولكل أشكال التهجير القسري، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه”.
وأضاف: “إعمار غزة يجب أن يتم في مكانه، دون المساس بحقوق سكانه أو نقلهم خارج أرضهم”، معلنًا استعداد مصر لتنظيم مؤتمر دولي لإعادة الإعمار فور التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه قطاع غزة أوضاعًا إنسانية مأساوية جراء القصف المتواصل، وسط تزايد النداءات الدولية لوقف فوري للعدوان.
دعم إنساني ودبلوماسي متواصل من المغرب ومصر
المغرب ومصر من الدول القليلة في العالم العربي التي واصلت تحركاتهما النشطة على المسارات الإنسانية والدبلوماسية لدعم الفلسطينيين. حيث قدمت الرباط خلال الأشهر الأخيرة قوافل إغاثية إلى غزة عبر الهلال الأحمر المغربي، كما بادرت القاهرة إلى فتح معبر رفح أمام الجرحى والمساعدات، وقيادة جهود الوساطة لوقف إطلاق النار.
كما شاركت العاصمتان في اجتماعات إقليمية ودولية لحشد الدعم للقضية الفلسطينية، والدفع بمقترح حل الدولتين باعتباره “السبيل الوحيد والعادل لإنهاء النزاع”، حسب تعبير الوزير المصري.
الموقف المغربي المصري يعكس توازنًا دبلوماسيًا ويعزز التحركات العربية
يرى محللون أن المواقف المتقاربة بين المغرب ومصر تعزز من زخم التحركات العربية الداعية إلى إنهاء الاحتلال، ووقف الانتهاكات، وإعادة إطلاق مفاوضات السلام.
ويقول الدكتور أحمد عبد الحليم، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن البيان المشترك “يعكس موقفًا متقدمًا للدبلوماسية العربية، يتجاوز التنديد إلى خطوات عملية، منها تنظيم مؤتمرات إعمار، وتكثيف الضغط الدولي”.
في حين يرى الباحث المغربي سفيان المودن أن تصريحات بوريطة “تحمل رسالة واضحة بأن القضية الفلسطينية ليست ورقة للمزايدة، بل التزام تاريخي وأخلاقي، ينعكس في دعم ملموس للفلسطينيين على الأرض”.
وبعيدًا عن فلسطين، تطرقت المباحثات بين الوزيرين إلى قضايا إقليمية أخرى، أبرزها سد النهضة والوضع في السودان.
وأكد بوريطة دعم المغرب لحقوق مصر المائية، مشددًا على أهمية الحوار لحل النزاع مع إثيوبيا “بما يضمن الأمن المائي لمصر ويحفظ استقرار المنطقة”.
أما عبد العاطي، فقد أعاد التأكيد على أن “المياه بالنسبة لمصر مسألة وجود لا تقبل التهاون”، كما دعا إلى وقف إطلاق النار في السودان ووقف تدمير بنيته التحتية.
رسالة سياسية وإنسانية من الرباط والقاهرة
وتؤكد المواقف المعلنة خلال لقاء الرباط أن الدعم العربي لفلسطين لم يتراجع، بل يزداد وضوحًا وتنظيمًا. المغرب ومصر، رغم التحديات الإقليمية، يبرزان كقوتين محوريتين في صياغة رد عربي عقلاني وحازم، يستند إلى الشرعية الدولية والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
وفي ظل انسداد الأفق السياسي في المنطقة، تبقى هذه الأصوات الداعية للحل العادل وإنهاء المعاناة، أملًا للفلسطينيين في صمودهم المستمر.