يكثّف لبنان مساعيه الدبلوماسية مع العواصم الدولية، في محاولة لتفادي قرار أميركي – إسرائيلي محتمل بإنهاء مهمة قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان، وسط تلميحات أميركية بعدم الحماسة للتجديد للتفويض الحالي، الذي ينتهي في 31 أغسطس (آب) المقبل.
وتندرج هذه الخطوة ضمن سياسة تقليص النفقات التي تتبعها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالإضافة إلى عدم رضا واشنطن وتل أبيب عن أداء «اليونيفيل» في ضبط تحركات «حزب الله» جنوب الليطاني، كما ينص قرار مجلس الأمن 1701.
بيروت تجهّز «رؤية جديدة» لطمأنة المجتمع الدولي
مصادر رسمية لبنانية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن لبنان لم يُبلّغ رسميًا بأي قرار أميركي بهذا الشأن، لكنه يجهّز رسالة لمجلس الأمن يطلب فيها كالمعتاد التجديد للقوات الدولية.
وفي هذا السياق، كشف مصدر دبلوماسي لبناني رفيع أن واشنطن أبلغت بيروت بوجود «صعوبات حقيقية» تعيق التجديد، داعيةً إلى بلورة رؤية جديدة لدور «اليونيفيل» من أجل كسب دعم المجتمع الدولي.
وأضاف المصدر أن مشاورات مكثفة تجري بين وزارة الخارجية، رئاستي الجمهورية والحكومة، ووزارة الدفاع، لإعداد هذه الرؤية، في وقت يلقى فيه لبنان دعمًا فرنسيًا واضحًا في موقفه الرافض لإنهاء مهمة هذه القوات.
خفض في التمويل وعديد القوات
يشير العميد المتقاعد والخبير في الجيوسياسة خليل الحلو إلى وجود توجّه أميركي لعدم التجديد أو خفض إضافي في التمويل.
وانخفض عدد قوات «اليونيفيل» خلال السنوات الأخيرة من 15 ألفًا إلى نحو 10 آلاف جندي، نتيجة تقليص التمويل، الذي تعتمد عليه المهمة بنسبة كبيرة من الولايات المتحدة.
وبحسب الحلو، فإن كلًا من واشنطن وتل أبيب تعتبران أن «اليونيفيل» باتت رهينة في يد «حزب الله»، وفشلت في ردع أي تصعيد عسكري أو منع انتشاره داخل منطقة العمليات. ويرى أن التوتر الحاصل بين واشنطن وشركائها الأوروبيين، ولا سيما فرنسا، لا يخدم تمديد مهمة هذه القوات.
دعوات لبنانية لتطبيق القرار 1701
الحلو يشدد على أن مصلحة لبنان الاستراتيجية تكمن في الحفاظ على وجود «اليونيفيل»، معتبرًا أن السبيل الوحيد لضمان ذلك هو الانتقال من التصريحات إلى التنفيذ الفعلي لبنود القرار 1701، على كامل الأراضي اللبنانية.
«اليونيفيل».. تاريخ من حفظ السلام
تأسست «اليونيفيل» عام 1978، وتُعنى منذ ذلك الحين بحفظ الأمن والاستقرار في جنوب لبنان، خاصة بعد حرب عام 2006، حين تم تعديل مهامها لتشمل دعم الجيش اللبناني في انتشاره جنوب الليطاني، ومنع وجود أي مجموعات مسلحة في المنطقة.
وتقدّم هذه القوات كذلك خدمات إنسانية وصحية واسعة لسكان الجنوب، ما يجعلها ركيزة أساسية في توازن الوضع الحدودي القائم.