في خطوة تؤكد عمق الشراكة بين السعودية والإمارات، استقبل ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، في مكتبه بقصر السلام في جدة، حيث جرى بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وسبل تطويرها وتعزيزها في مختلف المجالات.
جاء اللقاء ليعكس متانة العلاقات الاستراتيجية التي تربط الرياض وأبوظبي، خصوصًا في ظل ما تشهده المنطقة من تحديات سياسية واقتصادية وأمنية تتطلب المزيد من التنسيق المشترك والرؤية الموحدة.
تنسيق شامل في الملفات الحيوية
وبحسب مصادر مطلعة، تطرّق اللقاء إلى ملفات متعددة على رأسها التعاون الأمني، والتكامل الاقتصادي، والاستثمارات المشتركة، والتنسيق الإقليمي في القضايا الجيوسياسية، خاصة تلك المتعلقة بأمن الخليج العربي واستقرار المنطقة.
كما ناقش الطرفان آخر المستجدات الإقليمية والدولية، وسبل تعزيز العمل الخليجي المشترك في مواجهة التحديات الراهنة، بما يعكس مكانة السعودية والإمارات كقوتين محوريتين في المنطقة.
قصر السلام.. مركز قرارات استراتيجية
احتضن قصر السلام في جدة هذا اللقاء رفيع المستوى، الذي لا يُنظر إليه كمجرد اجتماع رسمي، بل كـ”حلقة جديدة” في سلسلة من المشاورات الاستراتيجية المستمرة بين البلدين، بهدف ضمان الأمن والاستقرار وتوحيد المواقف الخليجية.
وتشير هذه اللقاءات إلى نهج جديد تتبعه الرياض وأبوظبي، يقوم على الدبلوماسية المتقدمة المدعومة بالقدرات الاقتصادية والعسكرية، من أجل صياغة مواقف أكثر تأثيراً في الملفات الإقليمية، من اليمن وحتى أسواق الطاقة العالمية.
محور نفوذ عالمي
السعودية والإمارات لا تكتفيان بدورهما في نطاق الخليج، بل تسعيان إلى توسيع نفوذهما على الساحة الدولية، من خلال مبادرات دبلوماسية، واستثمارات استراتيجية، وتعاون عابر للحدود.
وبحسب تقارير دولية، تُصنّف الرياض وأبوظبي ضمن أكثر 10 دول تأثيراً في العالم، وهو ما يضع على عاتقهما مسؤوليات كبرى في قيادة ملفات مثل أمن الطاقة، الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، والتنمية المستدامة.
رسائل سياسية بأبعاد متعددة
يرى مراقبون أن هذا اللقاء يحمل أيضًا رسائل سياسية متعددة الاتجاهات، أبرزها التأكيد على وحدة الصف الخليجي في مواجهة أي محاولات لزعزعة الاستقرار، إضافة إلى تجديد الالتزام بقرارات مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز دور الخليج كقوة إقليمية موحدة وفاعلة.
كما يأتي اللقاء في توقيت حساس، مع بروز تطورات متسارعة في ملفات مثل الملف الإيراني، والأزمة اليمنية، والعلاقات مع القوى الدولية الكبرى، مما يستدعي المزيد من التشاور بين العاصمتين الخليجيتين الأهم.
وفي ظل عالم يموج بالتحديات، تثبت السعودية والإمارات أنهما قادرتان على صياغة نموذج شراكة قوية ومستدامة، تستند إلى الثقة المتبادلة والتقارب الاستراتيجي والرؤية الموحدة.
لقاء جدة لم يكن لقاءً بروتوكوليًا، بل رسالة واضحة بأن البيت الخليجي يبني مستقبله بثقة وشراكة لا تهتز.