في خطوة غير متوقعة، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أنقرة في زيارة لم يُكشف عنها مسبقًا، حيث عقد مباحثات موسعة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان. اللقاء الذي وصفته مصادر تركية بـ”التاريخي” تناول ملفات شائكة تتصدرها المسائل الأمنية والسياسية والاقتصادية، وعلى رأسها الملف الكردي، والتعاون في مكافحة الإرهاب، والعلاقات المتشابكة مع واشنطن.
أردوغان: دعم كامل للإدارة السورية الجديدة
أكد الرئيس التركي خلال اللقاء على وقوف أنقرة الكامل إلى جانب الإدارة السورية الجديدة، مشددًا على رفض أي اعتداءات إسرائيلية على الأراضي السورية، وضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واستقرارها السياسي.
اتفاقات استراتيجية في الطاقة والكهرباء
أسفرت القمة السورية-التركية عن توقيع اتفاق طاقي بارز، ينص على تزويد دمشق يوميًا بـ6 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي، وربط شبكتي الكهرباء بين البلدين بحلول نهاية العام، في خطوة وُصفت بأنها “بداية لشراكة اقتصادية طويلة الأمد”.
الملف الكردي: بين تهديدات أنقرة وسعي دمشق للدمج
لم تغب قضية “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” عن أجندة القمة؛ فأنقرة تعتبرها تهديدًا لأمنها القومي، بينما تسعى دمشق لاحتوائها عبر دمج تدريجي في مؤسسات الدولة. وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني شدد على أن “المماطلة في تنفيذ الاتفاق مع قسد ستُطيل أمد الفوضى”، مؤكدًا أن حقوق الأكراد “مكفولة ضمن الدولة الواحدة”.
الزيارة أعقبت اجتماعًا ثلاثيًا بين الشرع، والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، في أنقرة، حيث نوه الأخير بخطوات دمشق في ملف المقاتلين الأجانب والانفتاح على إسرائيل، معتبرًا أن رفع العقوبات “خطوة نحو تحقيق هدف واشنطن في القضاء على داعش”.
قراءة في التوقيت: سباق إقليمي على دمشق
جاءت زيارة الشرع بعد جولة خليجية شملت السعودية والإمارات وقطر والبحرين، ما يشير إلى حراك إقليمي لإعادة التموضع في “سوريا ما بعد العقوبات”، واعتبر مراقبون أن أنقرة باتت شريكًا محوريًا في صياغة مستقبل سوريا، وأن العلاقة مع واشنطن تمر حاليًا عبر البوابة التركية.
أكدت مصادر سورية أن دمشق بدأت خطوات فعلية لدمج الفصائل المسلحة ضمن وزارة الدفاع، مع مهلة محددة لتسليم السلاح، وسط تردد كردي في تنفيذ الاتفاقات. كما أشارت تقارير إلى قرب إعادة فتح معبر نصيبين الحدودي، ما قد يسهم في تنشيط الحركة التجارية بين البلدين.
ختام اللقاء: لا فدرالية ولا انقسام
في ختام زيارته، أكد الرئيس الشرع أن سوريا ترفض أي مشاريع فدرالية أو تقسيمية، وتعمل على “إعادة توحيد السلطة ضمن مشروع وطني جامع”، مدعوم من تركيا والخليج وواشنطن، مع التأكيد على أن المرحلة المقبلة “ستُبنى على التوافقات لا على الإقصاء”.