في خضم زيارته الرسمية إلى فيتنام، وجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه في قلب عاصفة إعلامية غير متوقعة، بعد انتشار مقطع فيديو يُظهر لحظة تلقّيه صفعة خفيفة على الوجه من زوجته بريجيت ماكرون. الحدث، الذي جرى في مشهد عابر عند وصولهما إلى أحد المواقع، تحوّل بسرعة إلى مادة دسمة للتعليق والسخرية على وسائل التواصل، ما استدعى توضيحًا شخصيًا من الرئيس نفسه أمام الصحافة.
ماكرون، الذي بدا منزعجًا من حجم التفاعل، حاول نزع الطابع الدرامي عن الواقعة، موضحًا أنها لا تحمل أي دلالة على وجود خلاف عائلي. وقال في تصريحاته للصحفيين: “كنا نتجادل، كنا نمزح.. نحن نتشاجر ونمزح، ونفاجأ برؤية الأمر يتحول إلى كارثة عالمية”. بهذا التعليق، بدا الرئيس عازمًا على الإيحاء بأن ما جرى لا يتعدى حوارًا خاصًا في إطار العلاقة الزوجية، تمّ اجتزاؤه وتضخيمه إلى مستوى الحدث الدولي.
ردّ الفعل الفرنسي على الضجة الرقمية كان حازمًا، إذ أشار ماكرون إلى أن “الفيديوهات صحيحة”، لكنه شكك في النوايا الكامنة وراء انتشارها والتأويلات المصاحبة لها، مضيفًا: “يتم إعدادها لتقول الكثير من الهراء”. وعبر عن استغرابه من سلوك بعض الأشخاص الذين اعتبرهم “مجانين يقضون أيامهم في شرح الأمور”، في إشارة إلى موجة التحليلات والمقاطع الساخرة التي اجتاحت المنصات الرقمية خلال ساعات قليلة.
وفي سؤال وُجّه إليه حول الجهات التي تقف خلف تضخيم مثل هذه القصص، ذهب ماكرون إلى الربط بين هذا الحدث وبعض شبكات التأثير التي يرى أنها تنشط ضدّه بانتظام، حيث قال: “إنهم دائمًا نفس الشبكات التي نتابعها”. ثم وسّع دائرة الاتهام لتشمل “الروس كحلفاء، والمتطرفين كعملاء”، مشيرًا أيضًا إلى وجود “معلقين سياسيين ومحررين معادين” له، وصفهم بأنهم “مجانين”، قبل أن يختتم تصريحه بجملة لافتة: “لدينا الكثير من المجانين في النظام”.
الجدل الذي أثاره المقطع لا يبدو أنه يندرج في خانة القضايا السياسية الكبرى، لكنه يسلّط الضوء على هشاشة الحياة الخاصة للشخصيات العامة أمام نهم الإعلام الرقمي، وعلى مدى استعداد بعض الفاعلين لتوظيف الحركات والإيماءات العابرة في إطار حروب الرأي والصورة. وفي حالة ماكرون تحديدًا، فإن تكرار هذا النوع من الحملات يكرّس شعورًا متزايدًا بأن رئيس الجمهورية بات أحد أكثر الزعماء عرضة للتأويلات السيئة، سواء عن نية أم من باب السخرية.
التفاعل الواسع مع الحادثة يكشف عن نوع من الشغف الشعبي ـ وربما الاستهداف السياسي ـ الذي لم يعد يفصل بين الفضاء الخاص والظهور العام، خاصة عندما يتعلق الأمر برئيس مثل إيمانويل ماكرون، الذي لطالما كانت صورته موضع جدل داخل فرنسا وخارجها. لكن، وعلى الرغم من كل ما قيل، يبدو أن الرئيس الفرنسي يختار المضي قدمًا بروح هجومية وساخرة في آنٍ، محاولًا تقزيم الحادثة عبر تسليط الضوء على عبثية التفاعل الذي فاق حجمه الطبيعي، لا سيما في زمن يُصنع فيه الجدل من لقطة لا تتعدى ثوانٍ.