هل تعاني من ذلك الشعور المزعج في الساقين، والرغبة الملحّة بتحريكهما، خاصة في الليل؟ هذه هي أعراض متلازمة تململ الساقين، وهي حالة شائعة تؤثر على واحد من كل 10 أشخاص. لكن لحسن الحظ، كشفت تقارير طبية حديثة عن بصيص أمل كبير: مكمل الحديد البسيط، الذي لا تتجاوز تكلفته بضعة قروش، قد يقدم حلًا فعالًا لهذه المعاناة الطويلة.
الحديد: الأمل الجديد لعلاج تململ الساقين
تشير الأبحاث إلى أن ما يقرب من نصف المصابين بمتلازمة تململ الساقين قد يستفيدون بشكل كبير من مكملات الحديد. هذا الاكتشاف دفع خبراء الصحة للدعوة إلى إجراء فحوصات روتينية لقياس مستويات الحديد في الدم لجميع المرضى. توضح الدكتورة كيرستي أندرسون، أخصائية الأعصاب واضطرابات النوم في مستشفيات نيوكاسل، أن “الدراسات أظهرت أن ما يصل إلى 50% من المصابين بهذه الحالة قد يستفيدون من مكملات الحديد. إذا لم يُجرِ طبيبك فحصًا لمستويات الحديد، فعليك أن تطلب ذلك”.
تأتي هذه التوصية الهامة لتحل محل العلاجات التقليدية التي اعتمد عليها الأطباء لسنوات، وهي أدوية تُعرف بمنشطات الدوبامين. هذه الأدوية ارتبطت بآثار جانبية خطيرة، شملت الإدمان على القمار، والرغبات الجنسية القهرية، وحتى الأفكار الانتحارية. في بعض الحالات النادرة، دفعت هذه الآثار السلبية هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) إلى دفع تعويضات ضخمة للمرضى الذين تأثرت حياتهم سلبًا، مثل امرأة تلقت 170 ألف جنيه إسترليني بعد أن أصبحت مدمنة على ألعاب الهاتف والقمار الإلكتروني.
لماذا الحديد هو الخيار الأول؟
مع تزايد القلق من هذه الآثار الجانبية المدمرة، أوصت الأكاديمية الأمريكية لطب النوم العام الماضي بتقديم مكملات الحديد كخيار أول في علاج متلازمة تململ الساقين. يُرجح العلماء أن الحديد لا يقتصر دوره على تكوين الهيموغلوبين فقط، بل قد يلعب أيضًا دورًا حيويًا في دعم نقل الدوبامين إلى الدماغ، وهو العنصر المرتبط بعوامل التحكم في حركة العضلات.
اللافت في الأمر أن انخفاض مستويات الحديد لا يحتاج إلى أن يصل إلى حد الأنيميا ليسبب الأعراض. هذا يعني أن بعض المرضى قد يعانون من المتلازمة رغم أن نتائج فحوصهم تبدو طبيعية. وفي دراسة عالمية نُشرت عام 2019، وجد باحثون أن رفع مستويات الحديد لدى المرضى يحسن الأعراض بشكل ملحوظ، حتى لدى من لا يعانون من نقص حاد.
دعوات لتوسيع نطاق العلاج: نهاية لمعاناة صامتة
بينما يُظهر العلاج بالحقن الوريدي للحديد فعالية سريعة في غضون أسابيع، يمكن للعديد من المرضى الحصول على نفس الفوائد عبر المكملات الفموية التي تُصرف بدون وصفة طبية، مما يجعلها متاحة وغير مكلفة. من جهته، دعا البروفيسور توبي ريتشاردز من “Iron Clinic” في لندن إلى توسيع نطاق العلاج بالحديد الوريدي، متسائلًا: “لماذا نُعرّض المرضى لسنوات من الأدوية ذات الآثار الجانبية، بينما يمكن لعلاج يستغرق 15 دقيقة أن يُحدث فرقًا كبيرًا؟”
مع تزايد الأدلة العلمية التي تدعم فعالية الحديد في علاج هذه المتلازمة، يطالب الخبراء هيئة الخدمات الصحية البريطانية بإدراج اختبارات الحديد وعلاجه ضمن بروتوكولات علاج متلازمة تململ الساقين. هذا التطور يهدف إلى توفير حلول فعالة وآمنة لمرضى طالما عانوا في صمت، ويمثل بصيص أمل كبيرًا لملايين الأشخاص حول العالم.