في تصعيد جديد يكرّس سياسة الاستهداف الممنهج للمدنيين والبُنى التحتية الطبية في قطاع غزة، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء الثلاثاء مجزرة دامية راح ضحيتها 34 شهيدًا على الأقل، وأُصيب العشرات، إثر قصف مكثف طال مستشفى غزة الأوروبي ومحيطه في مدينة خان يونس جنوب القطاع.
استهداف مزدوج: الساحة الطبية والمنازل المدنية
وبحسب بيانين منفصلين لوزارة الصحة والدفاع المدني في غزة، فإن القصف الإسرائيلي تركز على ساحات المستشفى ومنزل ملاصق له يعود لعائلة الأفغاني، حيث استخدمت قوات الاحتلال ما وصفتها الجهات الفلسطينية بـ”الأحزمة النارية”، وهي نمط من القصف المتتالي والمكثف يهدف إلى إحراق وتدمير مساحة واسعة دون إعطاء فرصة للنجاة.
-
في ساحة المستشفى، سقط ستة شهداء وأُصيب أكثر من 40 جريحًا، بينهم كوادر طبية ومتطوعون كانوا في مهمة إغاثية.
-
أما في منزل عائلة الأفغاني القريب من المستشفى، فقد استُشهد 28 فلسطينيًا، بينهم أطفال ونساء، أثناء وجودهم داخل المنزل أو احتمائهم فيه من القصف.
الدفاع المدني تحت النار
وفي مشهد بات متكررًا في الحرب الإسرائيلية على غزة، لم يَسلم حتى أفراد الدفاع المدني من الاستهداف. فقد أكد المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، أن طواقمه تعرضت للقصف أثناء محاولتها إجلاء الجرحى من المنزل المستهدف، مما أدى إلى إصابة اثنين من عناصر الإنقاذ.
قراءة أولية في الدلالات
توقيت المجزرة ومكانها لا يمكن فصله عن تكتيك واضح تتبعه إسرائيل في هذه المرحلة من الحرب، والقائم على نزع الغطاء الإنساني والطبي عن جنوب القطاع، بعد ما شهده شمال غزة من دمار مماثل في الأسابيع الماضية.
-
استهداف المستشفيات والمنازل المحيطة بها لم يعد مجرد “أضرار جانبية”، بل بات يمثل نمطًا عسكريًا محسوبًا، يهدف إلى كسر البنية المجتمعية وإغراق مؤسسات الإغاثة في الفوضى والشلل.
-
الرسالة الإسرائيلية تبدو واضحة: لا ملاذ آمن، لا داخل المستشفى ولا على مقربة منه، ما يعكس محاولة متعمدة لإحداث أكبر قدر من الذعر والضغط النفسي على المدنيين.
صمت دولي متواصل
في ظل المجازر اليومية، يظل ردّ الفعل الدولي باهتًا، إن لم يكن متواطئًا بالصمت. فالهجمات على المستشفيات، وفق القانون الدولي الإنساني، ترقى إلى جرائم حرب صريحة، خاصة إذا كانت متكررة وممنهجة.
ورغم ذلك، لم تُصدر حتى لحظة إعداد التقرير أي جهة أممية أو دولة غربية موقفًا واضحًا يُدين هذه الجريمة الجديدة أو يطالب بوقف فوري لها، ما يعكس حالة من الشلل السياسي والأخلاقي في المنظومة الدولية.
في الخلاصة
ما حدث في خان يونس ليس مجرد “غارة خاطئة” أو “استهداف موضعي”، بل هو جريمة موثقة تُضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات، يُمارس فيها جيش الاحتلال استراتيجية الأرض المحروقة بحق المدنيين الفلسطينيين، دون حسيب أو رادع دولي.
وفيما تستمر الحملة العسكرية، يُخشى أن تتحول مشاهد الدم في خان يونس إلى مجرد رقم جديد في سجل المجازر، إذا استمر العجز الدولي عن ردع إسرائيل ووقف حرب الإبادة المتواصلة في غزة.