في ظل استمرار الجمود السياسي في ليبيا، عاد الحديث مجددًا عن إنشاء مجلس تأسيسي باعتباره أحد الحلول الممكنة للخروج من الأزمة، خاصة بعدما طُرح كأحد المقترحات الأربعة التي ناقشتها اللجنة الاستشارية المنبثقة عن البعثة الأممية للدعم في ليبيا.
وجاءت الدعوات لتفعيل هذا المسار بعد أن طالبت 223 شخصية ليبية رئيسة البعثة، حنا تيتيه، بتبني المقترح الرابع من بين المقترحات التي قدمتها اللجنة، وهو المقترح الذي ينص على إنشاء مجلس تأسيسي يتولى مهمة إعادة هيكلة الحياة السياسية والدستورية في البلاد.
مسار جديد لتجاوز الانسداد
المقترح المطروح يحظى باهتمام متزايد، بالنظر إلى فشل المقترحات الثلاث الأخرى في تحقيق توافق بين الأطراف المتنازعة، إما بسبب الانقسام المؤسسي العميق أو الخلافات المستمرة بشأن شرعية المؤسسات القائمة.
وفي حال اعتمدت الأمم المتحدة هذا المسار، من المتوقع أن يُشكل المجلس التأسيسي من لجنة حوار جديدة، برعاية دولية، بحيث يضم المجلس 60 عضوًا يمثلون مختلف المناطق والمكونات الليبية. وستكون مهمته الأساسية صياغة دستور جديد للبلاد يُعرض لاحقًا على الاستفتاء العام.
فرصة لإنهاء مرحلة انتقالية ممتدة
إنشاء مجلس تأسيسي لا يهدف فقط إلى إنهاء الانسداد السياسي، بل يُنظر إليه كخطوة حاسمة نحو إنهاء المرحلة الانتقالية الطويلة التي أنهكت المؤسسات وفقدت فيها شرعياتها بمرور الزمن. فصياغة دستور توافقي باتت تشكّل المطلب الأساسي للشارع الليبي، كما أنها تمثل حجر الزاوية لأي عملية انتخابية ذات مصداقية.
كما يعوّل على هذا المجلس في توفير خارطة طريق جديدة تضع حدًا للتجاذبات السياسية بين البرلمان ومجلس الدولة، وتؤسس لسلطة تنفيذية موحدة قادرة على إدارة المرحلة المقبلة.
دعم شعبي وخارجي محتمل
بحسب المطالبين بتفعيل هذا المقترح، فإن المجلس التأسيسي قد يحظى بدعم شعبي واسع في حال أُحسن اختيار أعضائه وضُمنت نزاهة آليات عمله. كما من المتوقع أن تساند قوى دولية هذا التوجه إذا ما أثبت فعاليته في تجاوز حالة الاستعصاء القائمة.
ومع أن الطريق لا يزال معقدًا ومحفوفًا بعقبات داخلية وخارجية، إلا أن تبني هذا الخيار قد يشكل نقطة انطلاق جديدة نحو حل شامل للأزمة الليبية، يعيد الاعتبار للإرادة الوطنية ويعيد للدولة توازنها المفقود.