في خطوة تمثل نقلة نوعية في مسار الطاقة بمصر، تواصل الحكومة المصرية، بالتعاون مع روسيا، تسريع العمل في مشروع محطة الضبعة النووية، الذي يُعد أول مشروع من نوعه لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة النووية في البلاد، ويهدف المشروع إلى تعزيز أمن الطاقة، وتلبية الطلب المتزايد، وتنويع مصادر إنتاج الكهرباء، بما يتماشى مع خطط التنمية المستدامة.
مشروع وطني بطابع دولي
يقع مشروع محطة الضبعة النووية في منطقة الضبعة بمحافظة مطروح (شمال غرب مصر)، ويتم تنفيذه بشراكة رئيسية مع الجانب الروسي، ممثلاً في شركة “روساتوم” الحكومية، عبر ذراعها الهندسية “آتوم ستروي إكسبورت”. وقد وُقعت الاتفاقية الرئيسية للمشروع في نوفمبر 2015، وتم التوقيع على العقود النهائية في ديسمبر 2017، على أن يتم تمويل المشروع بقرض روسي يبلغ 25 مليار دولار.
تتضمن المحطة أربعة مفاعلات نووية من طراز VVER-1200، بقدرة إنتاجية 1200 ميغاواط لكل مفاعل، بإجمالي طاقة تصل إلى 4800 ميغاوات، ومن المقرر بدء تشغيل المفاعل الأول في عام 2029، يليها تشغيل المفاعلات الثلاثة الأخرى تباعاً خلال عام 2030.
إجراءات حثيثة لتنفيذ المشروع
وفي إطار جهود التسريع، عقد مسؤولون مصريون وروس سلسلة من الاجتماعات، آخرها في مايو 2025، لمراجعة الإجراءات الخاصة باستقبال المهمات الكهربائية والمحولات العملاقة لربط المحطة بالشبكة القومية، وتكثيف برامج تدريب الكوادر المصرية المؤهلة لتشغيل وصيانة المحطة، إضافة إلى متابعة التقدم الميداني وضمان الالتزام بالجداول الزمنية المحددة.
تحقيق أمن الطاقة
وأكد وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، محمود عصمت، على أهمية المشروع في تحقيق أمن الطاقة، قائلاً إن محطة الضبعة “تسهم في تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، وتدعم خطط التنمية الاقتصادية، وتُعد أحد أهم المشروعات الاستراتيجية في قطاع الطاقة”.
دعم حكومي ومراقبة مستمرة
يحظى المشروع بدعم مباشر من القيادة السياسية والحكومة المصرية. فقد أكد رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، في اجتماع حكومي سابق، التزام الدولة الكامل بتنفيذ المشروع ضمن الجدول الزمني المحدد، معتبراً أنه “يعزز نسبة الطاقة النظيفة ويحقق استقراراً طويل المدى في الشبكة الكهربائية”.
فوائد المشروع الاقتصادية
من الناحية الاقتصادية، يرى خبراء أن مشروع الضبعة سيساهم في خفض تكلفة إنتاج الكهرباء مقارنة بالوقود الأحفوري، وتوفير كميات كبيرة من الغاز والوقود المستخدم حالياً في محطات الكهرباء، بما يسمح باستخدامه في قطاعات أخرى أو تصديره، وكذلك استقرار أسعار الكهرباء، باعتبار الطاقة النووية لا تتأثر بتقلبات أسعار الوقود عالمياً.
شراكات مستقبلية
ويفتح نجاح مشروع الضبعة أفاقا جديدة أمام مصر لعقد شراكات نووية مستقبلية، سواء مع روسيا أو دول أخرى مثل الصين وكوريا الجنوبية وفرنسا، خاصة مع تزايد الاهتمام العالمي بالطاقة النووية كخيار نظيف وآمن.
كما تسعى مصر لتعزيز موقعها إقليميًا كمركز للطاقة، من خلال تأسيس مركز إقليمي للتدريب النووي لتأهيل كوادر محلية وإفريقية، والاستعداد لمشروعات نووية إضافية لأغراض توليد الكهرباء أو الاستخدامات الطبية والصناعية.
جدير بالذكر أن مشروع الضبعة النووي يمثل علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث في مجال الطاقة، ويعكس رؤية طموحة نحو مستقبل مستدام وآمن. ومع استمرار التعاون المصري – الروسي، والإرادة السياسية القوية، تتجه مصر بخطى واثقة نحو أن تصبح واحدة من أبرز الدول المنتجة للطاقة النووية في المنطقة.