تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشكل متواصل إلى تقويض العلاقة بين السلطة الوطنية الفلسطينية والمواطنين في الضفة الغربية، من خلال إجراءات ميدانية وعسكرية وسياسية ممنهجة. وتأتي هذه المحاولات في إطار استراتيجية “الإضعاف المزدوج” التي تهدف إلى ضرب شرعية القيادة الفلسطينية، وزعزعة ثقة المواطن بمؤسساته الوطنية، لخلق فراغ سياسي وأمني يمكن استغلاله لفرض مزيد من السيطرة الاحتلالية والتوسع الاستيطاني.
منع رئيس الوزراء الفلسطيني من التحرك في الضفة
الحدث الأخير تمثل في منع الجيش الإسرائيلي يوم السبت 19 أبريل 2025، رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى من زيارة بلدات في نابلس ورام الله، رغم أن الزيارة كانت ميدانية وبهدف التواصل المباشر مع المواطنين.
المناطق التي مُنع من زيارتها «دوما، قصرة، برقا، دير دبوان» تعاني من اعتداءات استيطانية متصاعدة، ما يبرز دلالة المنع كإجراء عقابي ورسالة سياسية. «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان» وصفت الخطوة بأنها إجراء تعسفي عنصري يندرج ضمن محاولات الاحتلال لفصل القيادة السياسية عن الشعب.
أدوات الاحتلال لتقويض العلاقة بين المواطن والسلطة
عرقلة دور السلطة ميدانيًا
تقييد تحركات المسؤولين
منع تنفيذ مشاريع تنموية
تعطيل الجولات الحكومية في المناطق المصنفة (ج) أو مناطق التماس
توسيع نشاط المستوطنين المسلحين
ترك المجال للمستوطنين لشن اعتداءات على الفلسطينيين وممتلكاتهم، دون تدخل أو محاسبة
نموذج: اقتحام قرية رأس عين العوجا، وتخريب المزروعات في خربة الدير وسرقة مضخات المياه
تكثيف الاعتقالات والمداهمات
اعتقال أكثر من 16 ألف فلسطيني منذ بدء الحرب في غزة. قتل ما يزيد عن 952 فلسطينيًا وإصابة قرابة 7000 في الضفة الغربية. هذه العمليات تعزز شعور المواطن بـ”غياب الحماية”، وتضعف ثقة الشارع بالقدرة الرسمية على ردع الاحتلال أو حماية المدنيين.
الأهداف الإسرائيلية من هذه السياسة
خلق فجوة ثقة بين المواطن ومؤسسات الحكم الوطني. تغذية الانقسام الداخلي الفلسطيني، وإضعاف جبهة الصمود في الضفة الغربية مقابل المقاومة في غزة. إضعاف مؤسسات السلطة تدريجيًا لتبرير سيناريوهات إدارة إسرائيلية مباشرة أو عبر أدوات محلية موالية. تحييد السلطة من أي دور سياسي أو تفاوضي مستقبلي، بوصفها غير ممثلة لإرادة الناس.
المخاطر المحتملة
تفكك النسيج الاجتماعي والسياسي الفلسطيني، ما يترك فراغًا تستغله إسرائيل ومستوطنوها. انعدام الأمن الداخلي نتيجة تآكل ثقة المواطن بالمنظومة الرسمية. التمهيد لحلول غير وطنية تُفرض على الفلسطينيين تحت ضغط الواقع المفروض بالقوة.
تصعيد دبلوماسي فلسطيني دولي لفضح محاولات إسرائيل لعزل السلطة عن شعبها. تعزيز الوجود الميداني للسلطة في المناطق المهددة، رغم القيود. وتفعيل الإعلام الوطني والمجتمعي لتوضيح سياسات الاحتلال الهادفة لخلق انقسام داخلي. وتعزيز الوحدة الوطنية بين مختلف مكونات النظام السياسي الفلسطيني لمواجهة هذه الاستراتيجية.
محاولات الاحتلال الإسرائيلي لإحداث الانقسام بين السلطة الفلسطينية والمواطنين ليست مجرد إجراءات عشوائية، بل استراتيجية مدروسة تهدف إلى تفكيك الحضور الوطني الفلسطيني وتكريس السيطرة الاحتلالية. يتطلب التصدي لهذه المحاولات وعيًا وطنيًا، وتماسكًا سياسيًا، وتحركًا شعبيًا ومؤسساتيًا يحافظ على وحدة الصف والثقة المتبادلة بين الشعب وقيادته.