أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أن ألمانيا تمتلك كافة المقومات الفنية واللوجستية التي تؤهلها لتصنيع سلاح نووي خلال فترة لا تتجاوز بضعة أشهر، إذا ما اتخذت قرارًا بذلك.
وجاءت تصريحات غروسي في مقابلة صحفية مع صحيفة Rzeczpospolita البولندية، حيث أشار إلى أن ألمانيا “تتمتع ببنية تحتية نووية مدنية متقدمة، تشمل مفاعلات بحثية ومراكز لتخصيب اليورانيوم”، في إشارة إلى منشأة “جونشينغن” (Jülich)، التي قال إنها “تملك من الناحية النظرية القدرة على إنتاج مواد قابلة للاستخدام العسكري”.
وأضاف غروسي أن ما يجعل السيناريو أكثر ترجيحًا من الناحية التقنية هو “الخبرة التاريخية والتراكم الصناعي والمعرفي”، في إشارة إلى المشروع النووي الذي حاولت ألمانيا النازية إطلاقه خلال الحرب العالمية الثانية تحت قيادة الفيزيائي فيرنر هايزنبرغ، رغم أنه لم يُكلل بالنجاح في حينه بسبب عوامل متعددة، منها نقص الموارد وضيق الوقت.
وأكد المسؤول الأممي أن “ألمانيا اليوم تقف على قاعدة علمية وصناعية متقدمة”، مضيفًا أن لديها “طواقم من المهندسين النوويين، وسجلًا حافلًا في مجالات التقنية المتقدمة والتصنيع الدقيق”، وهو ما يجعل من قدرتها على التحول إلى قوة نووية “مسألة قرار سياسي أكثر منها تحديًا تقنيًا”.
جدل حول “النية النووية” في أوروبا
ورغم أن ألمانيا موقّعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) وتُعدّ من الدول الرافضة رسميًا لحيازة السلاح النووي، إلا أن تصريحات غروسي أعادت فتح النقاش داخل أوروبا حول مستقبل التوازنات الأمنية، لا سيما في ظل الحرب الروسية الأوكرانية والتوترات المتصاعدة مع الصين.
ويُذكر أن ألمانيا تحتضن عدة منشآت نووية ذات طابع مدني، وتشارك بشكل غير مباشر في مظلة الردع النووي لحلف شمال الأطلسي من خلال قواعد تستضيف أسلحة نووية أمريكية، الأمر الذي أثار على مدى عقود نقاشًا حول مدى استقلالية السياسة النووية الألمانية.
مخاوف من سباق تسلح خفي
ويرى مراقبون أن الإشارة إلى قدرة دولة كبرى في الاتحاد الأوروبي على تصنيع سلاح نووي خلال أشهر، قد يدفع بقية القوى الإقليمية إلى مراجعة استراتيجياتها الدفاعية، ويطرح تساؤلات حول مدى التزام بعض الدول الأوروبية بالترتيبات الأمنية الحالية، خاصة في ظل الدعوات المتزايدة داخل الأوساط السياسية الألمانية لمراجعة دور برلين العسكري في النظام العالمي.
حتى الآن، لم يصدر عن الحكومة الألمانية أي تعليق رسمي بشأن ما جاء في تصريحات غروسي، كما لم تُبدِ الوكالة الدولية للطاقة الذرية أي نية للتحقيق في مدى إمكانية تحول البنية التحتية النووية الألمانية إلى أغراض عسكرية. ومع ذلك، تبقى تصريحات مدير الوكالة مثار جدل، قد يُعيد فتح ملف “النية النووية” الأوروبية في سياق جيوسياسي متغير.