في الأيام الأخيرة، ظهر مقترح جديد يهدف إلى وقف الحرب المشتعلة في غزة من أشهر. هذا المقترح ليس سهلا في تنفيذه،نظرًا لأنه يغير شكل المشهد بالكامل ولا يقتصر على وقف القتال فقط، مثل ما حدث في الهدن السابقة. حسب ما كشف مسؤول فلسطيني مطلع، فإن الخطة المقترحة جاءت من وسطاء قطريين ومصريين. وهما الدولتين المتخرطتين في مسارات التفاوض منذ بدء الحرب.
المقترح الجديد يهدف إلى هدنة طويلة المدى، تمتد من خمس إلى سبع سنوات، الهدف منها إنهاء الحرب بشكل نهائي. حسب المقترح، سيتم تبادل الأسرى: كل الرهائن الإسرائيليين لدى حماس مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون إسرائيل. ويتضمن انسحاب كامل لإسرائيل من قطاع غزة.
إدارة غزة
ومن أهم النقاط الجديدة واللافتة: إن “حماس” أبدت استعداد لأول مرة بشكل واضح إنها تتخلى عن إدارة غزة! وهو نهج جديد للحركة، لأنه من 2007، غزة تحت سيطرة حماس بشكل كامل. الحركة اليوم، لأول مرة، تعلن أنها مستعدة لتسلّيم السلطة لجهة فلسطينية يتم التوافق عليها. وقد تكون السلطة الفلسطينية، أو هيئة جديدة يتم الاتفاق عليها وطنياً وإقليمياً. ما يعني وجود نية لتوحيد الصف الفلسطيني – أو على الأقل بداية مسار جديد.
تتمثل الأزمة حالياً في موقف إسرائيل، وحتى الآن لم تعلق الحكومة الإسرائيلية رسميًا على الخطة، وهو يعطي مؤشرا سلبيا. وكان نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، قد أعلن قبل أيام قليلة أنه لن يوقف الحرب دون القضاء على حماس وإعادة جميع الرهائن. هذا الموقف يكشف أن إسرائيل ترى المعركة ليست مجرد مسألة تبادل أسرى أو انسحاب، بل لديها هدف استراتيجي أكبر: إنهاء وجود حماس كقوة مسلحة.
مرونة غير مسبوقة
ولا شك أن المعطيات الموجودة على الأرض معقدة للغاية. إسرائيل تواجه ضغوط داخلية وخارجية. من ناحية، لديها أسرى تسعى لإعادتهم، في ظل الضغوط الكبيرة من جانب أسر الرهائن، حيث تتعرض الحكومة الضغوط كبيرة لإنهاء الحرب. ومن ناحية أخرى، هناك ضغط من اليمين الإسرائيلي الرافض لأي نوع من التفاوض مع حماس، ويطالب بالحسم العسكري.
في المقابل، حماس قدمت تنازلات وصفها المسؤول الفلسطيني إنها “مرونة غير مسبوقة”. وهذا أمر لافت، خاصة بعد شهور طويلة من التصعيد والدمار. الحركة على ما يبدو أنها شعرت بالوصول لحافة الإنهاك، وقد يكون لديها حسابات جديدة وتراهن على الدور المصري-للقطري يضمن لها وجود سياسي بعد الحرب.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل توافق إسرائيل على المقترح؟. وقد توافق إسرائيل إذا ارتأت أن أمد الحرب سيكون طويلا داخل غزة، خصوصاً أن هناك ضغط أمريكي حقيقي. لكن في نفس الوقت، إسرائيل قد تماطل وتطوّل أمد الحرب، خاصة وأنها رفضت قبل أيام مقترح من حماس تضمن هدنة قصيرة مقابل نزع السلاح، ما يعني إنها ليست مستعدة لتقديم تنازلات حقيقية حتى الآن.
ما يحدث هو سباق زمني بين تصاعد الضغوط الدولية، ورغبة إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية. الوساطة المصرية والقطرية تحاول إحداث توازن بين الطرفين، وتضغط لتقريب وجهات النظر. وخلال أيام يتوجه وفد من حماس للقاهرة للدخول في فيه مفاوضات هامة للغاية.