في اليوم السادس من العمليات العسكرية ضد إيران، ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصممًا على الاستمرار في ما وصفه بـ”المهمة الوجودية”، مؤكدًا أن بلاده تسيطر حاليًا على الأجواء فوق طهران، وأن الهجمات ستتواصل حتى إزالة ما سمّاه “التهديد النووي والصاروخي الإيراني”. وفي تصريحات امتزج فيها الاستعراض العسكري برسائل سياسية، توجه نتنياهو بالشكر للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيدًا بموقفه “الثابت والداعم” لإسرائيل على جميع الجبهات، بما في ذلك جبهة غزة، حيث تستمر العمليات العسكرية هناك أيضًا.
استهداف شامل للمواقع الحيوية في إيران
نتنياهو أعلن أن العملية العسكرية الجارية لا تقتصر على الردع، بل تهدف إلى “تفكيك شامل لقدرات إيران الهجومية”، مشيرًا إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية تستهدف منشآت البرنامج النووي، مواقع إطلاق الصواريخ الباليستية، مراكز القيادة، والبنى التحتية المرتبطة بصنع القرار السياسي والعسكري الإيراني. وفي ما بدا رسالة موجهة إلى الداخل والخارج معًا، قال إن القوات الإسرائيلية تلقى “إعجابًا عالميًا” بفضل “حزمها وقدرتها على التنفيذ”، مضيفًا أن هذا الإعجاب يشمل أيضًا “صمود المجتمع الإسرائيلي في وجه التهديدات”.
الجبهة الداخلية في مرمى الحرب.. لكن صامدة
رغم الخسائر التي لم ينكرها، شدد نتنياهو على أن الجبهة الداخلية “صامدة” رغم “الآلام الكبيرة”، واصفًا المرحلة الحالية بأنها اختبار لصلابة المجتمع الإسرائيلي. وأكد أن حكومته أصدرت توجيهات لجميع الوزارات لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، في خطوة تهدف إلى احتواء التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للحرب، وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية في مواجهة حملة قد تطول.
غزة ليست خارج المعادلة
وفي موازاة الجبهة الإيرانية، أصرّ نتنياهو على مواصلة العمليات في قطاع غزة، مؤكدًا أن هدف إسرائيل لا يزال “القضاء التام على حركة حماس”، إلى جانب “استعادة جميع الأسرى الإسرائيليين”. تصريحات تشير إلى أن تل أبيب تعتبر المواجهتين متداخلتين في الجوهر، وترى في حماس امتدادًا للنفوذ الإيراني الذي تعمل على تقويضه في المنطقة.
خطاب يستند إلى الدعم الأميركي ويحاكي الداخل
الشكر المتكرر لترامب في خطاب نتنياهو لم يكن تفصيلاً شكليًا، بل يحمل دلالة على أن إسرائيل تخوض هذه المعركة بدعم أميركي مباشر، وهو دعم لا يقتصر على المواقف السياسية بل يمتد، على ما يبدو، إلى التنسيق العملياتي وربما الدعم اللوجستي. وتؤكد هذه النبرة أن تل أبيب تراهن على الغطاء الأميركي لتوسيع هامش تحركها في الشرق الأوسط، سواء ضد إيران أو حلفائها في المنطقة.
في المقابل، يحمل الخطاب بعدًا تعبويًا داخليًا واضحًا، يستثمر في “روح الصمود” ويعزز الإحساس العام بأن إسرائيل تخوض معركة لا خيار فيها، وأن التراجع عنها سيُفسَّر كضعف استراتيجي قد يكلّفها توازن الردع طويل الأمد في الإقليم.
نهاية مفتوحة على تصعيد أكبر
الخطاب الصادر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعكس رؤية متقدمة في التصعيد، لا تعترف بمبدأ التهدئة، بل تضع سقفًا نهائيًا يتمثل في إنهاء كل ما تعتبره إسرائيل تهديدًا استراتيجيًا، سواء أتى من طهران أو من غزة. وفي ظل هذا النهج، يبدو أن الأيام المقبلة ستشهد مزيدًا من التعقيد، حيث تختلط الحسابات الأمنية بالتوازنات الدولية، بينما تسير إسرائيل بخطى ثابتة نحو مواجهة قد تتسع رقعتها إقليميًا، إن لم تجد قوى دولية كبرى مخرجًا دبلوماسيًا عاجلاً يُرضي غرور القوة ويضمن في الوقت نفسه أمن الإقليم بأقل تكلفة ممكنة.