بين ليلة وضحاها، تغيرت وجهة الحرب، من غزة إلى إيران، بعد قيام إسرائيل بقصف مواقع المشروع النووي الإيراني، وأماكن تواجد قيادات عسكرية كبرى في الحرس الثوري والجيش الإيراني، وبالفعل حققت الضربات الغرض الاستراتيجي منها، وقُتل عدد من القادة الإيرانيين والعلماء النووين، فضلا عن إلحاق أضرار جسيمة بالمواقع النووية الإيرانية.
على مر السنين، كانت الجمهورية الإسلامية، تمثل فزاعة للعديد من دول المنطقة، بالإضافة إلى إسرائيل وأمريكا، وبدأ القلق يتزايد بعد إطلاق إيران مشروعها النووي، ورغبتها في امتلاك أسلحة نووية، وهو تسبب في مخاوف لدى إسرائيل، التي اعتبرت المشروع الإيراني، بمثابة تهديد مباشر لأمنها.
هدف مزدوج للضربة الإسرائيلية
الضربة الإسرائيلية لإيران لم تكن مفاجئة، بل كانت هناك مؤشرات تؤكد أن إسرائيل ستقوم بشن غارات في عمق الداخلي الإيراني، بدعم مطلق من الولايات المتحدة الأمريكية، واندلعت الحرب المتوقعة بين طهران وتل أبيب، وتبادلا إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، وسط حالة من الترقب والقلق، بين دول العالم بوجه عام، والشرق الأوسط بوجه خاص.
الهجوم الإسرائيلي، لم يستهدف إجهاض مخطط إيران في امتلاك أسلحة نووية فقط، بل كان له هدف مزدوج وهو إضعاف القدرة العسكرية لإيران، ومنعها من تقديم الدعم اللوجيستي لأذرعها في المنطقة “حماس وحزب الله والحوثيين”. بعد سنوات من حرب الوكالة، التي كانت تخوضها الأطراف الثلاثة ضد إسرائيل، بدعم من إيران.
دخلت أمريكا على خط المواجهة، وطالبت إيران بالجلوس على طاولة المفاوضات، بشرط التخلي عن مشروعها النووي، وصرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن بلاده لم تشارك في الحرب ضد إيران في الوقت الحالي، وأمهلها فترة زمنية لمراجهة موقفها، وبلعت إيران “الطعم”، وفجأة وجهت الولايات المتحدة ضربات عسكرية مركزة، باستخدام أحدث الطائرات الحربية في العالم، وقصفت المواقع النووية الإيرانية.
التخلي عن دعم الفصائل الإقليمية
بالتأكد، أنه مهما بلغت قوة إيران العسكرية، فلم تتمكن من الاستمرار في الحرب أمام أمريكا وإسرائيل لفترة زمنية طويلة، وما يثير الدهشة، هو إعلان ترامب وقف الحرب بين إيران وإسرائيل، بعد تحقيق الأهداف المطلوبة. الواضح أن الحرب التي دارت خلال الأيام الماضية، ستغير البوصلة الإيرانية، نحو التفكير في حماية مواقعها الاستراتيجية ومصالحها القومية، كأولوية قصوى، دون التطرق إلى جبهات أخرى من الحرب، التي تخوضها أذرعها العسكرية في المنطقة.
إيران تواجه تحديات غير مسبوقة، ومن المؤكد أن تغير مسارها السياسي، وأن حجم الإدراك لخطورة ما حدث، جعل القيادات الإيرانية وعلى رأسها “المرشد”، للتفكير في إعادة التموضع من جديد، التعامل مع الأولويات التي تحدد مسار طهران. ومن المؤكد أن دعم الفصائل الإقليمية، لم يعد أولوية عاجلة وسط التهديدات الداخلية والخارجية.
حماس في مفترق طرق
الحرب التي اشتعلت بين إيران وإسرائيل، وضعت حركة حماس في مفترق طرق، ومن المؤكد أن قيادات الحركة، يدركون أن طهران سوف تعطي الأولوية لمصالحها، خلال الفترة المقبلة، وهو ما يعني أن حماس تواجه عُزلة سياسية، بالإضافة إلى أنها ستفقد مصدر الدعم الرئيسي لها، في حربها ضد إسرائيل، وباالتالي ستواجه الحركة تحديات مالية واستراتيجية صعبة.
تعلم حماس جيدًا، أن فقدان دعم حليف استراتيجي مثل إيران، سيضع الحركة في مأزق سياسي، يعمّق الأزمة داخل أجنحة الحركة، التي تعرضت لاستنزاف مواردها، في ظل الحصار الذي فرضته إسرائيل على كافة المعابر الحدودية، لوقف كافة أشكال الدعم لحماس، ومحاولة إجبارها على الاستسلام.