يستمر لبنان في مطالبته الدول الكبرى بالضغط على إسرائيل لاستكمال انسحابها بالكامل من جنوب لبنان، وتنفيذ اتفاق وقف النار بما في ذلك القرار1701.
ومهما كانت الذرائع الإسرائيلية لعدم الانسحاب، فإنها لم تقنع لبنان. ذلك أن النقاط الخمس التي بقيت إسرائيل متمركزة فيها في الجنوب، أضيفت إلى ١٣ نقطة متنازع عليها على الحدود البرية معها أي على الخط الأزرق تحديداً وهو الخط الذي أقامته الأمم المتحدة أو ما يسمى خط الانسحاب الإسرائيلي في العام 2006 بعد الحرب.
أي أنه بات هناك 18 نقطة محتلة في الجنوب، يضاف إليها، وفقاً لقراءة ديبلوماسية بارزة وتتضمن هذه القراءة، أن عملية تثبيت الحدود البرية لم تحصل. فقط الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل هي التي رُسمت وتثبتت.
ويضاف بحسب هذه القراءة، إلى النقاط ال18 مزارع شبعا التي بحسب الأمم المتحدة هي لبنانية، لكن يجب على سوريا تسليم لبنان الخرائط والاعتراف بذلك. ثم هناك تلال كفرشوبا والجزء الشمالي لبلدة الغجر.
وتشير هذه القراءة الديبلوماسية، إلى أن إسرائيل ليست موجودة في النقاط الخمس لأسباب أمنية كما تقول. ان إسرائيل التي معها الجو بالكامل، ومعها معدات متطورة وتجهيزات تقنية عالية، لا تحتاج النقاط الخمس. إنما تحتاجها في الواقع لإبقاء جبهة لبنان مفتوحة على كل السيناريوهات، ومن بينها سيناريو الحرب بالتأكيد. إذ أنها إذا أرادت الذهاب إلى مفاوضات تحتاج إلى بطاقة تدل على أنها ممسكة بخمس نقاط ويمكن أن يصبحوا عشر نقاط. ليس لدى إسرائيل خوف أمني، لكن لن تنسحب من النقاط الخمس قبل أن تتأكد أن القرار1701 نُفِذ بالكامل لا سيما جنوب الليطاني تحديدًا. وهي لن تنسحب من لبنان أي بالكامل، لأنها لا تريد إقفال الجبهة الشمالية. إنما تريد جبهة الجنوب اللبناني أن تكون مفتوحة على كل الاحتمالات، وبالتالي إذا انسحبت إسرائيل فهي في الوقت نفسه تسحب حق “حزب الله” بمقاومة الاحتلال، أو تسحب حق أية ورقة لبنانية تقول بمقاومة، أو حق الشعوب بإزالة الاحتلال.
إن موضوع الضغط الدولي لانسحاب إسرائيل بالكامل، يُظهر حقيقة مسألة حساسة ودقيقة للغاية، وهي مدى وجود دعم حقيقي وفعلي للجيش اللبناني الذي يقوم عملياً بتنفيذ القرار 1701 بكافة تفاصيله.
وبالتالي، إن التعامل الدولي مع ملف استكمال الانسحاب يظهر حقيقة الضغط من أجل استقرار فعلي في لبنان. والاستقرار يعني حدوداً مستقرة برية وبحرية وجوية. كما يعني أن دعم الجيش هو أكثر ما يحتاجه لبنان لتزخيم مهمته في تنفيذ اتفاق وقف النار.
وكل هذا التعاطي، يظهر الانعكاس على المستوى الداخلي. ثم ان الحدود البرية اللبنانية-السورية تقف على كف عفريت، ويجب على رئيس الجمهورية من ضمن مهمته مسؤولية تنفيذ لبنان للاتفاق، أن يراقب الحدود كاملة واستقرارها واستعادتها إلى كنف الشرعية. فكيف يمكن أن يقوم بكل ذلك، إذا تأخر الدعم الدولي للجيش، الذي هو العمود الفقري لحماية السيادة وتنفيذ القرارات الدولية. وبالتالي ان انسحاب اسرائيل الكامل ووقف خروقاتها لاتفاق وقف النار، يزيل أية حجة أمام لبنان واللبنانيين بضرورة تحرير أرضهم في أي شكل من الاشكال.