في تصعيد لافت، طالب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالكف عن تصريحاته “غير المحترمة” تجاه المرشد الأعلى علي خامنئي، إذا كان جادًا في السعي نحو اتفاق جديد بين واشنطن وطهران.
وأوضح عراقجي، في منشور على منصة “إكس”، أن الشعب الإيراني “لا يقبل الإهانات أو التهديدات”، مؤكدًا أن “الاحترام يُقابل بالاحترام، وحسن النية هو أساس أي تفاهم سياسي حقيقي”.
ترمب: “أنقذت خامنئي من الموت”
وجاء تصريح عراقجي ردًا على منشور مثير للجدل أطلقه ترمب عبر منصته “تروث سوشيال”، زعم فيه أنه كان على علم بمكان المرشد خامنئي، لكنه قرر عدم السماح لإسرائيل أو للجيش الأميركي باغتياله.
وأضاف: “أنقذتك من موت بشع ومهين وكان عليك أن تشكرني”، كما اتهم ترمب خامنئي بـ”الكذب” عندما صرّح بأنه انتصر في الحرب مع إسرائيل، قائلاً: “بلاده ومواقعه النووية الثلاثة قد دُمّرت”.
عراقجي: طهران لن تتردد في الرد
في المقابل، حذّر عراقجي من أن إيران لن تتردد في “الكشف عن قدراتها الحقيقية” إذا تمادت واشنطن أو غيرها في استفزازها، معتبرًا أن التصريحات الأميركية الأخيرة تعكس “أوهامًا سياسية خطيرة”.
وقال إن طهران ما زالت تؤمن بالدبلوماسية، لكن بشروط واضحة: “لا مكان للغطرسة، ومن لا يحترم قادتنا لا يمكنه الجلوس معنا على طاولة الحوار”.
عودة لخطاب ما قبل الاتفاق النووي
التراشق الكلامي بين الجانبين أعاد إلى الأذهان أجواء التوتر التي سبقت توقيع الاتفاق النووي عام 2015، حين كانت الحرب الإعلامية تحتدم بالتوازي مع المناورات السياسية.
لكن ما يميّز هذا التصعيد هو الطابع الشخصي في الهجوم، لا سيما مع لجوء ترمب إلى لهجة “تهديدية مباشرة”، مقابل ردود إيرانية تصر على الكرامة الوطنية كجزء لا يتجزأ من أي مفاوضات مستقبلية.
تحذيرات من انزلاق نحو مواجهة مفتوحة
وحذر مراقبون من أن هذا النوع من التصريحات المتبادلة قد يجهض أي فرصة محتملة لإعادة إحياء الاتفاق النووي أو فتح قنوات تفاهم جديدة، خاصة مع تصاعد التوتر الإقليمي في غزة واليمن ولبنان.
ففي ظل هشاشة الأوضاع الإقليمية وتداخل الملفات الساخنة، فإن أي زلة لسان قد تفتح أبواب مواجهة أوسع يصعب احتواؤها دبلوماسيًا.
هل هناك مجال للعودة إلى طاولة التفاوض؟
رغم كل هذا التوتر، لا تزال بعض الأطراف الدولية تراهن على إمكانية التهدئة وإعادة إحياء المسار التفاوضي، خصوصاً مع قرب الانتخابات الأميركية.
ويبقى السؤال: هل تعود واشنطن وطهران إلى لغة المصالح المشتركة، أم يستمر التراشق الذي قد يؤدي إلى كسر ما تبقى من جسور الثقة؟
تصريحات ترمب وعراقجي لم تكن مجرد استعراض إعلامي، بل رسائل سياسية موجّهة إلى الداخل والخارج، ففي حين يسعى ترمب لتعزيز صورته كقائد “منقذ” قبيل الانتخابات، تحاول إيران التأكيد على أنها لن تُرغم على الحوار إلا وفق قواعد الاحترام المتبادل والسيادة الوطنية.
ومع ازدياد التوترات، يبقى الحذر مطلوبًا أكثر من أي وقت مضى.