في اتصال هاتفي، شدد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ونظيره العراقي الدكتور عبداللطيف جمال رشيد، على أهمية الحلول الدبلوماسية في تهدئة التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، والعمل على ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة التي تشهد تحديات متفاقمة، من أبرزها الحرب الدائرة في غزة.
وأكد الجانبان أن استقرار المنطقة لا يمكن تحقيقه إلا عبر تعزيز التعاون الإقليمي وتفضيل لغة الحوار على منطق السلاح، وذلك بما يخدم تطلعات الشعوب نحو التنمية والازدهار بعيداً عن أجواء الصراع.
غزة في قلب المباحثات
الرئاسة العراقية كشفت، عبر بيان رسمي، أن النقاش بين الجانبين تناول بشكل خاص “الوضع الإنساني الكارثي” في قطاع غزة، حيث اتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر 2023.
كما شددا على ضرورة تأمين دخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري، وإنهاء الحصار المفروض على القطاع، في محاولة للتخفيف من معاناة المدنيين التي بلغت مستويات غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة.
تنسيق ثنائي يعكس رؤية استراتيجية
الاتصال الهاتفي لم يقتصر فقط على الشأن الفلسطيني، بل تطرّق أيضاً إلى العلاقات الثنائية بين العراق والإمارات، وسبل تنميتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية.
ويأتي ذلك في إطار سعي البلدين لتعزيز التعاون العربي المشترك، ودعم استقرار الخليج والمنطقة العربية عامة، من خلال آليات الحوار السياسي والتفاهمات الإقليمية.
دبلوماسية ناعمة في مواجهة التحديات
هذا التواصل بين القيادتين يعكس رغبة متزايدة لدى العديد من الدول العربية في لعب أدوار دبلوماسية فاعلة بدلًا من الانجرار إلى محاور الصراع، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤل جوهري: هل تنجح بغداد وأبوظبي في صياغة تحرك عربي أكثر تأثيراً يمكنه الضغط على القوى الدولية لوقف النزيف الفلسطيني؟
هل تتبلور مبادرة عربية؟
الرسائل الصادرة من أبوظبي وبغداد تؤكد أن هناك إدراكاً متزايداً لخطورة المرحلة، وأن الحلول العسكرية لم تعد كافية لإدارة النزاعات.
ويبقى أن تتبلور هذه الجهود في شكل مبادرة عربية موحدة، تعيد ترتيب الأولويات في المنطقة، وتكسر دائرة العنف عبر طريق واضح للدبلوماسية الشاملة.
وتأتي هذه الاتصالات في وقت تتزايد فيه الدعوات العربية لضرورة صياغة موقف موحد تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة، وسط غياب فعالية واضحة للجهود الدولية. فالتقارب العراقي-الإماراتي في هذا السياق قد يشكّل نواة لتحالف دبلوماسي عربي يسعى إلى كسر الجمود الدولي، وفرض حلول إنسانية عاجلة بعيداً عن الاصطفافات الإقليمية.
رسائل متعددة الاتجاهات
يرى مراقبون أن الاتصال بين الرئيسين لا يقتصر على تبادل المواقف، بل يحمل رسائل موجهة أيضاً إلى المجتمع الدولي، مفادها أن دول المنطقة باتت أكثر استعداداً لتحمّل مسؤولياتها السياسية والإنسانية، وأن تجاهل الكارثة في غزة لم يعد مقبولاً. كما يشير إلى رغبة العراق في استعادة دوره كفاعل إقليمي متزن، يمتلك القدرة على الوساطة بين الأطراف المتنازعة.
خطوات مرتقبة.. أم مبادرات مؤجلة؟
ورغم التوافق السياسي المعلن، تبقى العيون مترقبة لأي خطوات ملموسة قد تتخذها الدولتان، سواء عبر طرح مبادرات مشتركة لوقف إطلاق النار، أو تنظيم مؤتمرات إغاثية، أو ممارسة ضغوط سياسية منسقة داخل المؤسسات الدولية، وفي حال تحققت هذه التحركات، فقد تشكّل بداية تغيير حقيقي في المشهد الإقليمي الملتهب.