في تصعيد جديد للتوتر بين إسرائيل وحزب الله، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر أمنية رفيعة أن الحكومة اللبنانية كانت على دراية بنشاطات الحزب المتعلقة بتصنيع الطائرات المسيّرة، وذلك قبل نحو أسبوع من الغارة الإسرائيلية التي استهدفت موقعًا في الضاحية الجنوبية لبيروت، قالت تل أبيب إنه مجمع صناعي لتصنيع المسيرات.
الضربة العسكرية لم تكن فقط رسالة لحزب الله، بل وُجهت أيضًا إلى الدولة اللبنانية، ضمن مسعى إسرائيلي متواصل لوضع الحكومة اللبنانية أمام مسؤولياتها تجاه ما تصفه بـ”تغاضي الدولة عن تنامي قدرات الحزب العسكرية”.
تل أبيب: الضغط السياسي أداة رديفة للردع العسكري
وفق تقارير إسرائيلية، فإن حكومة نتنياهو تسعى إلى استخدام ورقة الضغط السياسي والدبلوماسي إلى جانب الضربات العسكرية المحدودة، لإجبار الحكومة اللبنانية على كبح أنشطة حزب الله المتزايدة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.
وأكدت مصادر في تل أبيب، أن إسرائيل نقلت عبر وسطاء دوليين – على رأسهم الولايات المتحدة وفرنسا – رسائل واضحة إلى بيروت مفادها أن استمرار تساهل الدولة مع نشاطات الحزب العسكرية، سيُترجم إلى ردود عسكرية أوسع، قد لا تقتصر على مواقع الحزب فقط.
بيروت في موقف حرج: سيادة الدولة أم تجنب الحرب؟
الحكومة اللبنانية تجد نفسها في موقف شديد التعقيد؛ فمن جهة، تواجه تهديدات إسرائيلية متزايدة، ومن جهة أخرى، تدرك أن حزب الله يتمتع بنفوذ سياسي وشعبي وعسكري كبير، ويصعب ضبطه أو تقييد حركته دون تكلفة داخلية كبيرة.
وقالت مصادر سياسية لبنانية، إن بيروت تحاول التزام الحياد الظاهري، مع امتصاص الضغوط الدولية، لكنها لا تملك فعليًا الأدوات اللازمة لتقليص قدرات الحزب العسكرية دون توافق داخلي شامل، وهو أمر مستبعد في الوقت الراهن.
من ناحيته، لم يصدر عن حزب الله تعليق رسمي مباشر على الضربة الأخيرة، لكنه سبق وأكد في تصريحات سابقة أن أي استهداف إسرائيلي لمواقعه لن يثنيه عن تطوير قدراته العسكرية، خاصة في مجال المسيّرات التي باتت جزءًا أساسيًا من استراتيجيته الدفاعية والهجومية.
ويعتبر الحزب أن نشاطه العسكري مشروع في ظل ما يصفه بـ”الاحتلال الإسرائيلي المستمر لأراضٍ لبنانية”، ويشدد على أن الدولة اللبنانية ليست مسؤولة عن قرارته العسكرية، رغم تمثيله السياسي في الحكومة.
المجتمع الدولي بين التحذير والدعوات للتهدئة
في الوقت الذي تتصاعد فيه التهديدات المتبادلة، دعت عدة عواصم دولية إلى ضبط النفس، وعلى رأسها واشنطن وباريس، اللتان أكدتا ضرورة حماية الاستقرار الهش في لبنان وعدم الانزلاق إلى حرب شاملة.
لكن مراقبين يعتبرون أن الضغط الدولي على الحكومة اللبنانية قد يتحول تدريجيًا من دعوات تهدئة إلى مطالب ملموسة بإجراءات ضد الحزب، ما قد يضع لبنان أمام اختبار سيادي صعب خلال الأشهر المقبلة.
ملامح صيف ساخن في الأف
مع استمرار الضربات الإسرائيلية المتفرقة، والتوترات على الحدود الجنوبية، تبدو المنطقة مرشحة لمزيد من التصعيد، خاصة إذا فشلت الوساطات الدولية في تقليص التوتر. وبينما تراهن إسرائيل على دفع الحكومة اللبنانية للجم حزب الله، تبدو المعادلة أكثر تعقيدًا مما تتصورها تل أبيب.
فحزب الله، الذي يتمتع بشرعية سياسية وشعبية داخل لبنان، لن يكون من السهل كبحه دون تفكك التحالفات السياسية الداخلية أو تفجير الأوضاع الأمنية، ما يعني أن الصيف اللبناني قد يحمل معه مفاجآت غير سارة لجميع الأطراف.