أطلقت وزارة العمل الفلسطينية مؤخرًا حملة “التعافي المبكر الطارئة” والتي تستهدف معالجة أزمة البطالة المتفاقمة والتي عاني منها الشعب الفلسطيني عقب اندلاع الحرب على غزة، وفي إطار هذه الحملة تم تدشين موقعا إلكترونيا من أجل ربط أصحاب العمل بالباحثين عن فرص.
وحتى الآن، سجل أكثر من 300 ألف باحث عن عمل في الموقع بعد أيام قليلة من تدشينه، فيما يوفر الموقع حتى الآن حوالي 6500 وظيفة.
وإذا بحثنا في أسباب إنشاء هذا الموقع، سنجد أن الارتفاع الحاد في معدلات البطالة بين الفلطسينيين وخاصة فئة الشباب، إضافة إلى سوء الأوضاع المعيشة وتردي الوضع الاقتصادي بعد إغلاق المعابر ومنع دخول البضائع إلى الداخل، كانت أسباب وقفت وراء الهدف من تدشينه.
كما أن قيام إسرائيل بمنع دخول العمال الفلسطينيين للعمل داخلها، ساهم في ارتفاع معدلات الفقير بسبب فقدان الوظائف التي اعتمد عليها الأهالي في تدبير قوت يومهم وظروفهم المعيشية، أو على الأقل شراء مستلزمات المعيشة لأسرهم من طعام ومياه نظيفة ومستلزمات ضرورية.
غير أن إعلان السلطة الفلسطينية ممثلة في وزارة العمل، حملة “التعافي المبكر الطارئة” يمثل طوق نجاة لآلاف الأسر الفلسطينية، لأنها توفر فرص عمل للشباب وأرباب الأسر تعينهم على ظروف الحياة القاسية التي فرضتها ظروف الحرب، إضافة إلى تعويض ما خسره العمال من فرص العمل داخل تل أبيب، ولذلك تكون مصدرا بديلا لكسب قوت يومهم، وهو ما يستهدف في النهاية إنعاش الاقتصاد.
ربما يدرك الجميع الأوضاع الصعبة التي عاشها عمال الضفة بعد انقطاعهم لأكثر من عام عن العمل في الداخل الإسرائيلي، خاصة المزارعين، فمنذ تعطلهم عن عمله سمعوا عن وعود كثيرة عبر وسائل الإعلام المختلفة تتحدث عن تعويض العمال وتشغيلهم، لتأتي مبادرة وزارة العمل الفلسطينية وتلبي مطلبهم في توفير فرص عمل تخفف عنهم وطأة البطالة والفقر والأزمة التي خلقتها الحرب، خاصة وأن هناك 200 ألف عامل لم يستطعوا إيجاد الفرصة البديلة حتى الآن.
ويبدو أن خطة إعادة تشغيل الفلسطينيين مناورة مهمة من السلطة الفلسطينية لإعانة الأهالي على الحياة من ناحية وإعادة إنعاش الاقتصاد مم ناحية ثانية، إضافة إلى تعزيز ربطهم بالوطن الذي يكفل لهم حقوق كثيرة أبرزها الحق في العمل.
ويبدو أن هذه المبادرة خطوة مهمة وغير مسبوقة من السلطة الفلسطينية تلمح بقرب انتعاش اقتصادي في الضفة الغربية ومنها إلى بقية المدن الفلسطينية، لتبدأ بالفعل روشتة علاج المشاكل الاقتصادية الفلسطينية والتي تسعى في النهاية إلى تحقيق الاستقرار والنمو المستدام.
كما أنها تحفز الاقتصاد المحلي الذي يعتبر من أهم أولويات الحكومة الفلسطينية، خاصة في ظل القيود المفروضة من الاحتلال، لذلك ستنعكس هذه المبادرة بشكل إيجابي على الوضع الاقتصادي وخاصة على وضع سياسات تعزيز الاستثمار المحلي، وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى توفير تسهيلات مالية لمشاريع الشباب التي بالتأكيد ستزيد من قدرتها على النمو والازدهار.
إضافةً إلى ذلك، من المهم توفير تدريب مهني يستهدف تطوير مهارات الشباب الفلسطيني ويساعدهم على تحسين فرص توظيفهم داخل فلسطين، ما يقلل من معدلات البطالة، ويساهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام يعزز من فرص العمل في فلسطين في ظل القيود المفروضة على حرية الحركة والتنقل، لذلك يصبح توفير فرص العمل فرصة بعد إن كانت تحديًا كبيرًا.
لذلك من المهم التعاون المشترك مع السلطة الفلسطينية من أجل مواجهة تحديات المرحلة الحالية والمساعدة في تشغيل الشباب ودعم فكرة تدشين مشروعات صغيرة تفتح البيوت من جديد للحد من الارتفاع الحاد للبطالة، وتعزيز مناخ العمل الذي توفره السلطة الفلسطينية لأبنائها والتي تستهدف في النهاية إلى تحسين مستوى المعيشة ومكافحة الفقر وتوفير الاحتياجات الأساسية للشعب، وتجاوز قيود الاحتلال بخطة ذكية تدعم الاستقرار الاجتماعي والانتعاش الاقتصادي معا إلى الأمام.