في تطور جديد على خط الأزمة الإيرانية – الأميركية المتفاقمة، نفى مصدر مسؤول في سلطنة عُمان، ما تردد عن وصول وفد إيراني إلى العاصمة مسقط من أجل التفاوض مع واشنطن، مؤكداً عدم وجود أي تواصل مباشر أو غير مباشر مع المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف خلال الأيام الماضية.
يأتي هذا النفي في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية، ويزداد الضغط الدبلوماسي لإعادة إحياء المحادثات النووية المتوقفة.
ضبابية المشهد.. هل توقفت المفاوضات فعلاً؟
بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، كانت الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة مقررة يوم الأحد الماضي في مسقط، لكن تمّ إلغاؤها رسميًا بعد التصعيد العسكري الأخير بين طهران وتل أبيب. وأشارت المعلومات إلى أن إيران أبلغت الوسطاء العمانيين والقطريين بأنها لن تدخل أي مفاوضات “جادة” قبل الانتهاء من الرد على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
وسط هذا التوتر، تبرز سلطنة عُمان كوسيط تقليدي وفاعل بين الجانبين، غير أن الوضع الحالي يبدو أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، خصوصاً مع استمرار التصعيد العسكري والتصريحات الأميركية المتشددة.
دعوات خليجية للتهدئة واستئناف المحادثات
في موازاة النفي العماني، تتعالى أصوات خليجية من دول مجلس التعاون مطالبة بضرورة استئناف المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن لتجنّب مزيد من التصعيد، الذي قد ينعكس سلباً على استقرار المنطقة بأكملها.
وأعربت مصادر دبلوماسية خليجية عن قلقها من أن يؤدي انسداد أفق الحوار إلى خطوات أكثر خطورة من الطرفين، داعية إلى استغلال أدوار الوساطة العمانية والقطرية لخلق مسار جديد للحوار، ولو على مراحل.
ترامب يلوّح بالخيار العسكري: “ربما أفعل… وربما لا”
في موقف أكثر تصعيدًا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه “يفكر جديًا” في الانضمام إلى الحملة العسكرية التي تقودها إسرائيل ضد أهداف إيرانية، مشيراً إلى أن “صبر واشنطن نفد”.
وفي تصريحات من الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، كشف ترامب أن طهران حاولت التواصل مع واشنطن لإرسال وفد للتفاوض، لكنه وصف ذلك بأنه “متأخر جداً”، مشيرًا إلى أن الفارق كبير بين التحرك “اليوم” وما كان يمكن فعله قبل أسبوع.
وقال ترامب: “لقد فات الأوان للمباحثات. الإيرانيون اقترحوا إرسال مسؤولين إلى البيت الأبيض… كان عرضًا شجاعًا لكنه غير كافٍ الآن”.
هل ما زالت مسقط قادرة على لعب دور الوسيط؟
على الرغم من تاريخها الطويل كوسيط هادئ في الملفات الإقليمية، تبدو سلطنة عُمان اليوم محاصرة بتعقيدات الملف النووي الإيراني أكثر من أي وقت مضى. فالتصعيد العسكري المتواصل، والضغوط الأميركية، والتصلب الإيراني، عوامل تجعل استئناف المحادثات في مسقط أمراً غير مضمون.
ويرى مراقبون أن نجاح مسقط في إعادة جمع الطرفين يتوقف على مدى استعداد إيران للتهدئة، وعلى نضج موقف أميركي جديد يعترف بأهمية الحلول السياسية بدلاً من الإصرار على “الاستسلام غير المشروط”.
في الانتظار.. الشرق الأوسط على صفيح ساخن
مع انسداد المسارات الدبلوماسية، وغياب المؤشرات الجادة على استئناف المفاوضات، يترقّب العالم تطورات المشهد الإيراني – الأميركي بحذر شديد. وفي ظل هذه الأجواء، تبرز مسقط كمدينة الفرص الضائعة، بعدما كانت توصف قبل أسابيع بأنها “البوابة الممكنة للسلام النووي”.
حتى الآن، لم تصل الوفود، ولم تُفتح قنوات التفاوض، لكن الرغبة الدولية – والخليجية تحديدًا – في الحوار لا تزال قائمة، وسط سباق محموم بين الدبلوماسية وصوت السلاح.