تشهد حكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل واحدة من أكثر اللحظات حساسية منذ بداية الحرب على غزة، حيث تتحول المظاهرات الشعبية الغاضبة، مثل تلك التي اندلعت في تل أبيب، إلى عامل ضغط سياسي لا يمكن تجاهله. ومع مرور 600 يوم على احتجاز الرهائن لدى حماس، بات الشارع الإسرائيلي أكثر انقساماً، لكن في الوقت نفسه أكثر جرأة في التعبير عن غضبه، ليس فقط من استمرار الحرب، بل من سياسات الحكومة ومماطلتها في إبرام اتفاق يضمن استعادة الرهائن.
نتنياهو يستخدم الرهائن في لعبة سياسية
الاحتجاجات التي خرجت في “ساحة الرهائن”، وما رافقها من اقتحام لمقر حزب الليكود، تعكس تحولاً نوعياً في المزاج الشعبي: من القلق إلى الغضب، ومن الانتظار إلى التمرد على القيادة السياسية. وقد تم اعتقال عشرات المحتجين، في مؤشر واضح على التصعيد المتبادل بين الشارع والحكومة.
هذا الغضب الشعبي لم يعد موجهاً فقط لحماس كخصم خارجي، بل بات ينصب أيضاً على نتنياهو نفسه، حيث يُنظر إليه على أنه يضع مصالحه السياسية وحساباته الحزبية فوق مصلحة الرهائن وعائلاتهم. وتأتي هذه المظاهرات لتسلط الضوء على الفجوة المتزايدة بين الحكومة وبين فئات من الشعب الإسرائيلي، خاصة عائلات الرهائن، التي تشعر أنها تُستخدم كورقة في لعبة سياسية طويلة.
غضب شعبي في إسرائيل
في هذا السياق، يبرز مقترح وقف إطلاق النار الذي يدعمه وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الموساد، وبتشجيع من الإدارة الأمريكية، باعتباره الخيار الواقعي الوحيد لإعادة الرهائن وإنهاء النزيف السياسي والأمني. ومن جهة أخرى، يدفع نتنياهو نحو تصعيد أو مواصلة الحرب بحجة “الانتصار الكامل”، وهو موقف يجد صدىً لدى التيار المتشدد في ائتلافه، لكنه يواجه تحدياً داخلياً متصاعداً.
هنا، يمكن القول إن الضغط الجماهيري في إسرائيل بات عاملاً مؤثراً في الحسابات السياسية، بل إنه قد يساهم بشكل كبير في تغيير مواقف بعض الأطراف داخل الحكومة نفسها. فكلما زاد الغضب الشعبي، خاصة إذا رافقه تمرد داخل الليكود أو انقسام داخل الحكومة، سيصبح من الصعب على نتنياهو رفض مقترح وقف إطلاق النار دون أن يُتهم بالتضحية بالرهائن من أجل البقاء السياسي.
مقترح ويتكوف
المظاهرات قد لا تسقط الحكومة فوراً، لكنها تهز شرعيتها وتدفع باتجاه خيارات كانت تُعتبر غير واردة، مثل القبول بمبادرة وقف إطلاق النار. ومع تصاعد الضغوط من عائلات الرهائن والمجتمع الدولي، تبدو فرص قبول نتنياهو بمقترح ويتكوف مرهونة بمدى تصاعد الغضب الداخلي وقدرته على الحفاظ على تماسك ائتلافه الحاكم.