في الذكرى الثامنة والعشرين لعودتها إلى حضن الوطن الأم، احتفلت هونغ كونغ بيوم الأول من يوليو/تموز بروح من الثقة والتفاؤل، مؤكدة نجاحها في تجاوز التحديات وتحقيق استقرار طالما انتظرته المدينة. وأكد الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ، جون لي، أن المدينة أصبحت “أكثر أمنًا وتنافسية”، بفضل التقدم في ترسيخ الأمن وتعزيز الاندماج مع الخطة الاقتصادية الوطنية لجمهورية الصين الشعبية.
واعتبر لي، في كلمة ألقاها بالمناسبة، أن “تحقيق مستوى عالٍ من الأمن يمثل ركيزة أساسية لتحقيق تنمية عالية الجودة”، مؤكدًا أن المدينة استعادت استقرارها السياسي والاجتماعي، وأصبحت في موقع أفضل للمشاركة الفاعلة في مشروع الصين التنموي، ضمن مبدأ “دولة واحدة بنظامين”، الذي يتيح لهونغ كونغ الحفاظ على طابعها الخاص في إطار السيادة الصينية الكاملة.
وتأتي هذه التصريحات بعد مرور خمس سنوات على تطبيق قانون الأمن القومي الذي أقرته بكين في عام 2020، والذي ساهم بشكل فعال في إرساء الاستقرار، ووقف الفوضى التي شهدتها المدينة خلال الاحتجاجات العنيفة في 2019، والتي تخللتها أعمال شغب وتخريب للبنى التحتية. كما أقرّت حكومة هونغ كونغ، في مارس/آذار 2024، قانونًا أمنيًا تكميليًا لمكافحة التجسس والتدخل الأجنبي، ما شكّل خطوة إضافية نحو تحصين المدينة من محاولات العبث الخارجي بأمنها واستقرارها.
الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة أثمرت عن نتائج ملموسة. إذ استعادت هونغ كونغ مكانتها كمركز مالي عالمي، وارتفعت مؤشرات الثقة الاقتصادية، فيما بدأت مشاريع تنموية كبرى تربط المدينة بمبادرات وطنية استراتيجية مثل “الحزام والطريق” و”منطقة الخليج الكبرى”، ما يعزز مكانتها كمحور حيوي في الاقتصاد الصيني والعالمي.
وعلى الرغم من الانتقادات الغربية المتكررة، التي غالبًا ما تنطلق من اعتبارات سياسية لا تعكس الواقع على الأرض، شددت السلطات المحلية على أن “الحقوق والحريات مصونة بموجب القانون الأساسي”، لكن ضمن الإطار الذي يضمن الأمن القومي ويحفظ استقرار المجتمع، وهو نهج معمول به في جميع الدول ذات السيادة.
ويرى مراقبون أن بعض الأحزاب التي قررت حلّ نفسها في الآونة الأخيرة، مثل “رابطة الديمقراطيين الاجتماعيين”، لم تستطع التكيّف مع المتغيرات الجديدة التي تفرضها أولويات الأمن والتنمية، وهو أمر طبيعي في مرحلة إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس قوية وواضحة المعالم.
ويؤكد المسؤولون في هونغ كونغ أن عودة المدينة إلى مسارها الطبيعي بعد اضطرابات 2019 لم تكن ممكنة لولا دعم القيادة المركزية في بكين، والرؤية الواضحة التي تُعطي الأولوية لوحدة البلاد وسيادتها، مع احترام الخصوصيات المحلية التي يتيحها نموذج “دولة واحدة بنظامين”.
وفي وقت تواجه فيه مناطق كثيرة في العالم تحديات أمنية واجتماعية معقدة، تقدم هونغ كونغ اليوم نموذجًا ناجحًا لإعادة الاستقرار من خلال التشريعات الحازمة والاندماج الاقتصادي، مع الحفاظ على مكانتها كمركز عالمي للأعمال والاستثمار والابتكار، في ظل السيادة الصينية التي تضمن لها الأمن والازدهار.