في تطور لافت في السياسة الأميركية تجاه الصراع في البحر الأحمر، نقلت صحيفة بوليتيكو عن مسؤول أميركي رفيع أن “الإدارة قررت التوقف عن القتال مع الحوثيين”، مشيراً إلى أن هذا القرار هو “أقل الخيارات سوءاً” في ظل تعقيدات المشهد الإقليمي.
المسؤول الذي لم يُكشف عن اسمه أقرّ بأن الحوثيين “لن يوقفوا أبداً هجماتهم على إسرائيل”، وهو تصريح يعكس إدراك واشنطن العميق بعدم جدوى المواجهة العسكرية المستمرة.
من المعركة إلى المعالجة: تغيير في الأولويات الأميركية
المسؤول ذاته أوضح أن الإدارة الأميركية قررت “وقف إنفاق الأموال واستخدام الذخائر المتطورة في معركة لا نهاية لها” ضد الحوثيين، مؤكدًا أن التركيز سيتحول الآن إلى “معالجة الأسباب الجذرية” للهجمات الحوثية.
هذا التوجه الجديد يأتي وسط انتقادات داخلية لإدارة بايدن حول فعالية العمليات العسكرية المكلفة، وحجم الخسائر دون تحقيق أهداف استراتيجية واضحة في اليمن أو البحر الأحمر.
هجمات الحوثيين مستمرة… ولكن بتركيز على إسرائيل
على الرغم من وقف إطلاق النار بين واشنطن وجماعة الحوثي، إلا أن الهجمات الحوثية على السفن الإسرائيلية مستمرة. فالجماعة أعلنت صراحة أن الاتفاق لا يشمل “أعداء القضية الفلسطينية”، ما يُبقي التوتر في البحر الأحمر قائماً، خاصة على الخطوط الملاحية المرتبطة بإسرائيل.
ترامب و”الانتصار الحوثي”: وساطة عمانية واتفاق مشروط
وفي سياق متصل، كشف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن جماعة الحوثي تعهدت بعدم استهداف السفن الأميركية، مقابل وقف واشنطن لعملياتها العسكرية، مضيفاً: “الحوثيون قالوا إنهم لم يعودوا يريدون القتال… وهذه أخبار جيدة”.
وأكدت سلطنة عمان أنها لعبت دور الوسيط الأساسي للتوصل إلى هذا الاتفاق، الذي وصفته جماعة الحوثي بأنه “انتصار سياسي وعسكري”.
حملة عسكرية أميركية غير مسبوقة سبقت الاتفاق
الاتفاق جاء بعد أن شنت الولايات المتحدة أكبر حملة عسكرية لها ضد الحوثيين منذ سنوات، أطلقها ترامب في 15 مارس الماضي.
وأسفرت الحملة عن مقتل المئات من المدنيين وتدمير واسع في البنية التحتية اليمنية، واستهداف أكثر من ألف موقع عسكري، إلى جانب اغتيال عدد من القيادات الحوثية، بحسب تقارير عسكرية أميركية.
هل هو انسحاب تكتيكي أم إعادة تموضع؟
هذا التحول في الموقف الأميركي يثير تساؤلات حول ما إذا كانت إدارة بايدن بصدد انسحاب تكتيكي لتجنب الاستنزاف، أم أنها تعيد تموضع قواتها ومواردها في مناطق تعتبرها أكثر أولوية، مثل أوكرانيا، تايوان، أو الداخل الأميركي.
لكن الواضح أن الهجمات الحوثية ستبقى ورقة ضغط فعّالة في يد الجماعة، في ظل تردد غربي وإسرائيلي في خوض مواجهة مباشرة وطويلة الأمد.
مرحلة جديدة من “التهدئة الحذرة”
بالتوقف الأميركي عن التصعيد ضد الحوثيين، تدخل المنطقة مرحلة جديدة من “التهدئة الحذرة”، تراقبها إسرائيل عن كثب، فيما يبقى البحر الأحمر ساحة مفتوحة على احتمالات أمنية وسياسية عديدة، خصوصاً مع وجود فاعلين إقليميين مثل إيران وسلطنة عمان في خلفية المشهد.