بدأ وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، الاثنين، جولة دبلوماسية إلى دول شمال أوروبا، تشمل كلًا من فنلندا والدنمارك والنرويج، وذلك في إطار تحركات رسمية تهدف إلى تعزيز علاقات الصداقة القديمة وتوسيع آفاق التعاون الثنائي.
جدول الزيارة وأهدافها
تمتد الزيارة من الاثنين 2 يونيو إلى الخميس 5 يونيو 2025، وتشمل محطات رسمية في كل من هلسنكي (فنلندا)، وكوبنهاغن (الدنمارك)، وأوسلو (النرويج)، بدعوة من وزراء خارجية هذه الدول، الذين عبّروا عن رغبتهم في دفع العلاقات الثنائية مع تونس إلى مستويات أعلى.
ووفق بيان رسمي لوزارة الخارجية التونسية نُشر عبر صفحتها على فيسبوك، تهدف الجولة إلى إحياء الصداقة التاريخية بين تونس ودول شمال أوروبا، إلى جانب فتح آفاق جديدة في مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية والعلمية والثقافية.
شراكات خارجية.. وانفتاح اقتصادي
وتأتي هذه الجولة في وقت تسعى فيه تونس إلى تنويع شراكاتها الخارجية، والتركيز على أسواق جديدة بديلة للاتحاد الأوروبي التقليدي، خاصة في ظل تحديات اقتصادية متزايدة تتطلب انفتاحًا استراتيجيًا على شركاء يتمتعون بالاستقرار والدعم الفني والمالي.
وتُعتبر فنلندا من الدول التي تربطها بتونس علاقات دبلوماسية مستقرة، إذ شهدت العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة تعاونًا ملموسًا في مجالات التعليم والبحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات، إلى جانب دعم فنلندي متواصل لمشاريع تنموية عبر الوكالة الفنلندية للتنمية.
النرويج.. ودعم الانتقال الديمقراطي
أما الدنمارك، فتلعب دورًا مهمًا في دعم الانتقال الديمقراطي في تونس، وتُعد من أبرز الدول الأوروبية الداعمة للحوكمة الرشيدة وحقوق الإنسان، كما أن مؤسسات دنماركية عدة تنشط في برامج الشراكة مع المجتمع المدني التونسي ومشاريع التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب.
وفي النرويج، يُنتظر أن يناقش الوزير النفطي مع المسؤولين هناك إمكانيات التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والمناخ، حيث تُعد النرويج من الدول الرائدة عالميًا في هذا القطاع، وتطمح تونس للاستفادة من تجربتها في الانتقال إلى مصادر طاقة نظيفة.
لقاءات من العيار الثقيل
وتشمل الزيارة عقد لقاءات ثنائية مع نظرائه في العواصم الثلاث، إلى جانب اجتماعات مع مسؤولين في وزارات الاقتصاد والتعليم والتجارة، وممثلي هيئات استثمارية وشركات كبرى، مما يعكس التوجه التونسي لإقناع الشركاء الأوروبيين بإمكانيات الاستثمار في السوق التونسية.
وتخطط تونس من خلال هذه الجولة للترويج لنفسها كمحور اقتصادي في منطقة المتوسط، حيث سيتولى الوزير تقديم عرض شامل عن مناخ الأعمال في تونس، والحوافز المخصصة للمستثمرين، وخطط الدولة للإصلاح الاقتصادي والرقمي.
كما سيتم التركيز على القطاع السياحي، خاصة مع الاهتمام المتزايد لسياح شمال أوروبا بالوجهات المتوسطية. وتهدف تونس إلى استقطاب مزيد من الزوار من تلك الدول، من خلال تقديم تسهيلات جديدة وتنويع المنتجات السياحية.
وتُعد هذه الجولة أيضًا فرصة لتقوية التعاون الأكاديمي والجامعي، حيث من المنتظر أن يتم بحث اتفاقيات تبادل طلابي ومشاريع بحث مشتركة بين جامعات تونسية ونظيراتها في الدول الثلاث.
وتُشكّل هذه التحركات جزءًا من استراتيجية تونسية جديدة لتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية، إذ تسعى البلاد إلى التحول من علاقات قائمة على الدعم فقط إلى شراكات قائمة على الاستثمار والتبادل التجاري والتكنولوجي.
دعم الاقتصاد الوطني
ووفق مصادر دبلوماسية، سيُجري الوزير لقاءات مع ممثلي الجاليات التونسية في هلسنكي وكوبنهاغن وأوسلو، من أجل تعزيز الروابط مع التونسيين بالخارج والاستماع إلى مقترحاتهم حول سبل دعم الاقتصاد الوطني.
وتلقى هذه الجولة اهتمامًا خاصًا من الدوائر الاقتصادية في تونس، لا سيما أن دول شمال أوروبا تُعد من أكثر الأسواق استقرارًا وتأثيرًا في السياسات الأوروبية، وبالتالي فإن تطوير العلاقات معها يُعد مكسبًا استراتيجيًا.
يُنتظر أن تثمر الزيارة عن اتفاقيات نوايا أو تفاهمات أولية في مجالات محددة، ما يمهّد لمزيد من الزيارات رفيعة المستوى في المستقبل، ضمن رؤية تونسية لتعزيز مكانة البلاد على الساحة الدولية كدولة منفتحة وطموحة.