في مشهد مهيب تتجلى فيه الروحانية والخشوع، بدأ حجاج بيت الله الحرام فجر اليوم الأربعاء، التوجه إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، إيذانًا ببدء أولى مناسك الحج، وسط استعدادات كبيرة من الجهات المعنية، وإجراءات تنظيمية غير مسبوقة.
منى.. الوادي المبارك
يقع مشعر منى، الذي يبعد نحو 7 كيلومترات عن المسجد الحرام، بين مكة المكرمة ومزدلفة، ويعد من المشاعر المقدسة داخل حدود الحرم. في هذا الوادي الذي تحيط به الجبال، سيقضي الحجاج يوم التروية، ويؤدون صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم يبيتون استعدادًا للانطلاق نحو صعيد عرفات الطاهر مع فجر اليوم التالي.
بحسب وزارة الحج والعمرة السعودية، بلغ عدد الحجاج القادمين من الخارج حتى الآن نحو 1.5 مليون حاج، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 1.8 مليون. وتعمل السلطات على تنفيذ خطط تفويج دقيقة لضمان انسيابية الحركة وسلامة الحشود.
ذكاء اصطناعي وطائرات مسيرة في خدمة الحجاج
في تحول نوعي، يشهد موسم الحج هذا العام إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة ضمن منظومة الإنقاذ والاستجابة السريعة، إلى جانب تشريعات جديدة لإدارة الحشود، في خطوة تهدف إلى رفع جودة التنظيم وضمان سلامة الحجاج في ظل درجات الحرارة المرتفعة.
الوجهة القادمة: عرفات ثم مزدلفة
بعد قضاء ليلة التروية في منى، يتجه الحجاج فجر الخميس إلى صعيد عرفات ليشهدوا الوقفة الكبرى، ثم ينفرون إلى مزدلفة عند غروب الشمس، حيث يبيتون ليلتهم ويجمعون الحصى استعدادًا لرمي جمرة العقبة الكبرى في صباح العيد.
الختام بطواف الوداع
تستكمل مناسك الحج بعد عيد الأضحى عبر طواف الإفاضة ثم أيام التشريق، ويختتم الحجاج رحلتهم الإيمانية بأداء طواف الوداع في مكة المكرمة، بعد أن عاشوا أيامًا من الخشوع والمشقة في سبيل أداء الركن الخامس من الإسلام.
أكد مسؤول صحي سعودي في تصريح لقناة الجزيرة أن الحالة الصحية العامة للحجاج “مطمئنة”، دون تسجيل أي حالات وبائية حتى الآن، مشددًا على الجهود الصحية المبذولة لضمان موسم آمن صحيًا.
بين الجبال والوديان، وتحت شمس الحجاز، يسير الملايين في رحلة تتجاوز الجغرافيا نحو السماء.. رحلة تبدأ بالتروية، وتُتوج بالمغفرة، لتبقى الحج تجربة لا تشبهها تجربة في الإيمان والخضوع والسكينة.