“ابني ليس واثق من نفسه”.. “بنتي دائماً خائفة ومترددة”.. شكاوى متكررة تتردد على ألسنة الأمهات والآباء، باحثين عن حلول لضعف شخصية أطفالهم. لكن المفاجأة التي يكشفها الدكتور محمود كامل، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة، هي أن الجذور الحقيقية لهذه المشكلة غالبًا ما تنبع من تصرفات الأهل أنفسهم، دون قصد أو وعي.
فبدلًا من البحث عن مؤثرات خارجية، يدق الدكتور كامل ناقوس الخطر محذرًا من 5 ممارسات تربوية شائعة، لكنها بمثابة “سموم” تدمر ثقة الطفل بنفسه وتعيق نموه ليصبح فردًا قويًا ومستقلًا:
1. “أنا هعمل كل حاجة عشانك”.. فخ الحماية الزائدة:
الكثير من الأمهات، بدافع الحب والخوف المفرط، يسارعن لإنهاء مهام الطفل اليومية بدلًا منه. ربط الحذاء، ترتيب الحقيبة، وحتى حملها! هذا التدخل المستمر يرسل رسالة سلبية للطفل مفادها أنه غير قادر، ويزرع فيه الاتكالية ويُضعف قدرته على تحمل المسؤولية ومواجهة تحديات الحياة.
2. “صوتك ما يعلاش عليا”.. جرح العنف المدمر:
العنف بكل أشكاله، سواء كان لفظيًا جارحًا أو جسديًا مؤلمًا، يترك ندوبًا عميقة في نفسية الطفل. قمعه عند التعبير عن رأيه يجعله يشعر بأن وجوده غير مهم، وأن أفكاره لا قيمة لها. النتيجة؟ طفل مهزوز الثقة، يشعر بالنقص، ويخشى التعبير عن ذاته.
3. “لو معملتش كده هيحصلك كذا وكذا”.. شبح التهديد المستمر:
تحويل التربية إلى ساحة تهديدات دائمة يحول الطفل إلى كائن جبان يخشى التجربة والخطأ. يعتاد على الخضوع دون مناقشة، وتتآكل قدرته على التفكير النقدي والمواجهة والدفاع عن حقوقه. يصبح شخصًا ضعيف الشخصية، سهل الانقياد.
4. فزع الأم يُرعب الطفل:
ردود الأفعال المبالغ فيها من الأهل تجاه المواقف البسيطة، كالصراخ الهستيري عند سقوط الطفل أو كسره لشيء، تخلق لديه شعورًا دائمًا بالخوف والقلق. هذا الذعر يمنعه من اكتساب الشجاعة والجرأة اللازمتين لاستكشاف العالم ومواجهة تحدياته بثقة.
5. سم المقارنة القاتل للثقة:
مقارنة الطفل المستمرة بأقرانه هي من أكثر الممارسات التربوية تدميرًا للذات. هذه المقارنة تقلل من شعوره بقيمته، وتجعله يشعر بالدونية وعدم الكفاءة أو حتى عدم الحب. النتيجة الحتمية هي فقدان الثقة بالنفس والهشاشة أمام أي انتقاد أو تحدٍ.
رسالة واضحة يوجهها الدكتور كامل للآباء والأمهات: “انتبهوا لتصرفاتكم! فأنتم، دون أن تدروا، قد تكونوا السبب الرئيسي في ضعف شخصية أطفالكم”. التربية السليمة تقوم على الدعم والتشجيع ومنح الطفل مساحة آمنة للتعبير عن نفسه والاعتماد على ذاته، لا على الخوف والقمع والمقارنة المدمرة. “خلي بالك”.. مستقبل طفلك يبدأ من طريقة تربيتك اليوم.