تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تصعيدها في الضفة الغربية، وهذه المرة عبر سلسلة مداهمات واعتقالات طالت عدة مناطق من محافظة الخليل، جنوبي الضفة، في مشهد بات يتكرر بشكل يومي، وسط صمت دولي مطبق، وتجاهل لحقوق السكان الفلسطينيين الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال العسكري القمعي منذ عقود.
اعتقال الأسرى المحررين
صباح اليوم الإثنين، 19 مايو، اقتحمت قوات الاحتلال عدداً من الأحياء السكنية في مدينة الخليل وبلدتي تفوح وإذنا، واعتقلت ثلاثة مواطنين، هم عبد الصمد أبو رموز من الخليل، وشاكر الطردة ومحمد الطردة من بلدة تفوح غرباً. الاعتقالات جرت وسط انتشار كثيف لقوات الاحتلال، وتخللتها عمليات تفتيش عنيفة للمنازل، استخدمت خلالها الكلاب البوليسية، وفرضت حالة من الرعب بين الأهالي، خاصة الأطفال والنساء.
بحسب مصادر أمنية فلسطينية نقلتها وكالة “وفا”، فإن حملة الاعتقالات لم تكن سوى جزء من عملية مداهمة أوسع استهدفت عشرات المنازل، معظمها تعود لأسرى محررين أو لعائلات ذات خلفية نضالية. ومن بين المنازل التي داهمتها قوات الاحتلال، منازل كل من محمد شاكر، وعبد العزيز أبو تركي، وطارق أنور ادعيس، وعاصم زبلح، وإياد أبو اشخيدم، وعبد الكريم أبو رموز، والأسير علي الرجبي، وتامر الرجبي، وعلاء الزغير، والمبعد عماد نيروخ، ومحمد قفيشة، إضافة إلى عدد من الشقق في “عمارة عمر” الواقعة في دوار الجلدة.
اقتحام المنازل
الأسلوب الذي اعتمدته قوات الاحتلال خلال هذه المداهمات يعكس سلوكاً انتقامياً ممنهجاً، إذ لم تكتفِ باعتقال الأشخاص أو تفتيش المنازل، بل اعتدت بالضرب على أفراد العائلات، كما حدث مع أسامة أبو رموز، شقيق المعتقل عبد الصمد، الذي تعرض للضرب على يد الجنود، وتم احتجاز والدته لساعات في محاولة للضغط على نجلها لتسليم نفسه.
وفي بلدة إذنا، غرب الخليل، تكررت المشاهد ذاتها. فقد تم اقتحام منازل عدد من الأسرى المحررين، أبرزهم فادي يوسف نوفل وأحمد خليل عواد، وسط تدمير متعمد للأبواب والأثاث، وتفتيش دقيق طال كل زاوية في المنازل، دون أي مبرر قانوني أو تصريح قضائي، ما يعكس طبيعة الاحتلال كسلطة فوق القانون لا تتردد في انتهاك الحرمات واستهداف المدنيين.
ما يحدث في الخليل اليوم ليس حادثاً معزولاً، بل جزء من منظومة أوسع من القمع الممنهج الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، في محاولة لخنق أي روح مقاومة، وردع أي نشاط وطني حتى لو كان سلمياً. هذه الممارسات، التي تشمل الاعتقال الإداري، والمداهمات الليلية، وتخريب الممتلكات، وضرب أفراد العائلة، أصبحت جزءاً من الحياة اليومية التي يعيشها الفلسطينيون تحت نظام الاحتلال العسكري.
سياسات العقاب الجماعي
في ظل كل هذا، تبقى ردود الفعل الدولية خجولة أو منعدمة، ويُترك الفلسطينيون لمواجهة مصيرهم بمفردهم، بينما تستمر إسرائيل في انتهاج سياسات العقاب الجماعي، غير آبهة بالقوانين الدولية أو الإنسانية. فالاحتلال لم يكتفِ بمصادرة الأرض، بل يسعى لتدمير الإنسان الفلسطيني نفسياً واجتماعياً، عبر بث الرعب في القرى والمدن والمخيمات.
وحتى ذلك الحين، تبقى الخليل – كغيرها من مدن الضفة – عنواناً للصمود والتحدي، وشاهدة على إجرام الاحتلال واستباحته لكل ما هو فلسطيني.