تصاعد التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، خاصة بعد تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس التي هدد فيها بإحراق طهران إذا استمرت في استهداف الداخل الإسرائيلي، يعكس تحولًا خطيرًا في مسار التصعيد العسكري في المنطقة، ويضع الشارع الإسرائيلي، وتحديدًا في تل أبيب، أمام مشهد معقد تتداخل فيه الهواجس الأمنية بالقلق المجتمعي والسياسي.
انقسام داخلي بشأن سياسة الحكومة
في تل أبيب، التي تعد القلب الاقتصادي والثقافي لإسرائيل، تزداد مؤشرات التوتر بشكل ملحوظ. فهذه المدينة، رغم كونها محمية نسبياً بمنظومات دفاعية متقدمة، تشعر بثقل تهديدات مباشرة من قوى إقليمية مثل إيران، خاصة مع تطور قدرات طهران في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة بعيدة المدى. أي تصعيد حقيقي مع إيران يُعيد إلى الواجهة مشهد صفارات الإنذار والملاجئ والتعطيل الاقتصادي، ما يولد توتراً ملموساً في الحياة اليومية.
الشارع في تل أبيب لا يتحرك فقط وفق البعد الأمني، بل يُظهر مؤشرات انقسام داخلي بشأن سياسة الحكومة. جزء كبير من السكان، لا سيما من الطبقة الوسطى والعليا، يعبرون عن امتعاضهم من انزلاق الحكومة نحو صراعات خارجية قد تُفضي إلى حرب إقليمية شاملة، لا سيما في ظل استمرار الحرب في غزة وما تسببه من استنزاف اقتصادي وعسكري. وتظهر في هذا السياق أصوات إعلامية ومدنية تنتقد التصعيد مع إيران، وتعتبره محاولة للهروب من الضغوط الداخلية، بما فيها الانتقادات المتزايدة حول فشل الحكومة في تأمين الجبهة الداخلية خلال هجوم 7 أكتوبر 2023.
يرى بعض الإسرائيليين أن توجيه ضربة لإيران هو أمر ضروري لردع تهديدات “محور المقاومة” المدعوم من طهران، لا سيما في ظل اتساع نطاق الاستهدافات التي تطال العمق الإسرائيلي.
فشل إسرائيل
الحرب مع إيران – في حال تفجرها – قد تغيّر المعادلة بشكل جذري، إذ أنها ستستنزف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وخصوصًا في المدن الكبرى مثل تل أبيب، من حيث البنية التحتية، والروح المعنوية، والاقتصاد، وربما حتى من حيث وحدة المجتمع. فالمجتمع الإسرائيلي ليس بمنأى عن الانقسام السياسي، وأي فشل في إدارة حرب مع خصم بحجم إيران قد يُفاقم الاحتجاجات، ويفتح الباب أمام أزمة ثقة أكبر في القيادة السياسية والعسكرية.
التهديد بحرق طهران قد يكون محاولة لردع إيران، لكنه يترك أثرًا مباشرًا على الحالة النفسية والمزاج العام في تل أبيب. المدينة تعيش اليوم بين حدين متناقضين: من جهة الرغبة في الأمن والاستقرار، ومن جهة أخرى المخاوف من أن يتحول التصعيد إلى مواجهة شاملة تضعها في قلب العاصفة.