لأول مرة منذ سنوات سجل موسم الحج المنتهي 1445هـ وفاة أكثر من 1000 شخص، لأسباب مرتبطة بالطقس شديد الحرارة، بعد سنوات من نجاح السعودية في تنظيم مواسم حج مثالية.
فمنذ عام 2017 اجتهدت السعودية في تقديم خدمات غير مسبوقة للحجاج، من خلال عمل توسعات وتطوير البنى التحتية واستغلال أحدث التقنيات بلغت موسم حج هذا العام ذروتها.
تلك التحسينات كانت وراء انتهاء وقوع وفيات من جراء التدافع مثلما كان الحال عليه في المواسم السابقة.
وبحسب وكالة “فرانس برس” فإن غالبية الوفيات من الجنسية المصرية، وأكدت وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، سها جندي، أن الوزارة استقبلت العديد من الاستغاثات من الأهالي، مؤكدة حصول ارتفاع كبير في أعداد الوفيات والمفقودين، لا سيما بين كبار السن، خلال أدائهم مناسك الحج وانقطاع الاتصال بذويهم في مصر.
كما تفيد حصيلة للوفيات بين الحجاج حسب الدول جمعتها “فرانس برس” من مصادر عدة، شملت: 600 مصري، و144 إندونيسياً، و68 هندياً، و60 أردنياً، و35 تونسياً، و13 عراقياً، و11 إيرانياً، و3 سنغاليين.
حجاج مخالفون
وفرت السعودية خدمات متكاملة للحجاج تتناغم مع العدد الكبير الذي بلغ 1.8 مليون حاج وحاجة من مختلف دول العالم، والحالات الصحية والطقس خلال الموسم.
من جانب آخر شددت المملكة على أن يكون جميع الحجاج قدموا إلى مكة رسمياً، واضعة عقوبات شديدة للمخالفين، الذين سيتعرضون للعديد من المخاطر، ومنها درجة الحرارة المرتفعة. وشملت العقوبة:
- غرامة قدرها 10 آلاف ريال (2600 دولار) للمخالفين لأنظمة وتعليمات الحج دون تصريح، بغض النظر عن جنسيتهم أو وضعهم القانوني.
- يعاقب المقيمون المخالفون بترحيلهم إلى بلدانهم، ومنعهم من دخول المملكة.
- يعاقب كل من يُضبَط وهو ينقل المخالفين، بالسجن مدة تصل إلى 6 أشهر، وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف ريال (13.3 ألف دولار)، ومصادرة وسيلة النقل البرية بحكم قضائي.
- ترحيل الناقل المخالف إذا كان مقيماً بعد تنفيذ العقوبة، ويُمنع من دخول المملكة.
-
تقول وسائل إعلام أردنية إن عشرات الحجاج الأردنيين ذهبوا إلى أداء الحج بشكل غير شرعي.
إذ يذكر موقع الأول نيوز، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن أعداد الأردنيين الموجودين في السعودية خارج البعثة الرسمية لوزارة الأوقاف بلغت نحو 60 ألف أردني راغبين في أداء الحج.
وأكدت المصادر أن معظم هؤلاء دخلوا السعودية بتأشيرات سياحية حصلوا عليها من بعض مكاتب الحج والعمرة.
وتحدث مصريون لشبكة “سي إن إن” الأمريكية قبل بدء موسم الحج أنهم يتعرضون لحملات تفتيش داخل مساكن يختبئون فيها بمدينة مكة المكرمة، حيث ينوون الحج بطريقة غير شرعية؛ إذ تبحث السلطات الأمنية عن المتسللين للحج لكونهم يخالفون الشروط المتبعة.
شروط شديدة
تفرض السعودية شروطاً عديدة على الحجاج لكي تضمن سلامتهم، لا سيما من الناحية الصحية، ووجود حجاج دخلوا بصورة غير رسمية يعني أنهم لم يلتزموا بالاشتراطات الصحية التي قد تؤدي إلى التسبب بوفاة جماعية إن كان احدهم مريضاً بفيروس معدٍ.
وتشمل الاشتراطات على الحجاج من خارج المملكة:
– الحصول على لقاح الحمى الشوكية النيسيرية خلال فترة لا تقل عن 10 أيام ولا تزيد على 5 سنوات.
– الأمراض المتعارضة مع الاستطاعة البدنية.
– اصطحاب المصابين بالأمراض المزمنة ما يفيد بحالتهم الصحية، وكمية كافية من الأدوية.
– التحصين ضد الأمراض المستهدفة بالتحصينات الأساسية مثل الدفتيريا، والكزاز، والسعال الديكي، وشلل الأطفال والحصبة والجدري.
– خلوه من الأمراض المتعارضة مع الحد الأدنى للاستطاعة البدنية مثل:
- الفشل الكلوي المتقدم الذي يستدعي الغسل الدموي أو البريتوني.
- فشل القلب المتقدم الذي تظهر أعراضه في حالة الراحة أو مع أقل مجهود بدني.
- أمراض الرئة المزمنة التي تستدعي الاستخدام المتقطع أو المستمر للأكسجين.
- تليف الكبد المتقدم المصحوب بعلامات الفشل الكبدي مثل: الاستسقاء، أو نزف الدوالي، أو نوبات فقدان أو نقص الوعي.
- الأمراض العصبية الشديدة التي تعيق الإدراك أو المصحوبة بإعاقات حركية شديدة، والشيخوخة المصحوبة بالخرف.
ارتفاع درجة الحرارة
أغلب أسباب الوفيات في موسم الحج للعام الجاري، وفق ما ورد، ارتفاع درجات الحرارة التي أولتها سلطات المملكة اهتماماً كبيراً ووفرت سبلاً عديدة لتجنيب الحجاج التعرض لها والإصابة بضربات الشمس.
كما حذرت وزارة الصحة عبر بيانات مختلفة ومستمرة من ارتفاع درجات الحرارة، وأعلنت العديد من النصائح للحجاج حول ذلك.
ومن هذه النصائح تجنب الذهاب إلى منشأة الجمرات والخروج تحت أشعة الشمس ما بين الساعة 11 صباحاً والساعة 4 عصراً.
وحذرت من الإجهاد الحراري، وأوصت بالالتزام بالنصائح التي نشرتها بين الحجاج، فضلاً عن انتشار طواقم مختلفة لتلبية ما يحتاج إليه الحجاج.
الإجهاد الحراري
الإنهاك أو “الإجهاد” الحراري هي حالة تحدث عند تعرض الجسم للحرارة الزائدة، ومن صورها:
- تزداد حرارة الجسم بصورة بالغة بسبب الطقس الحار.
- يشعر المصاب بالتعب والضعف، والدُّوَار، والصداع، أو زيادة وسرعة في ضربات القلب.
- قد يحدث للشخص الجفاف ونقص كمية البول بعد التعرض للحرارة المرتفعة.
- يفاقم أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والصحة العقلية والربو.
- يزيد من خطر الحوادث وانتقال بعض الأمراض المعدية.
من ذلك يتضح أن عدم الالتزام بالشروط التي وضعتها السلطات السعودية لمن ينوي الحج بالنسبة للمخالفين، فضلاً عن عدم الالتزام بالشروط الصحية والوقائية، سبب في ارتفاع الوفيات في موسم حجّ شهد ارتفاعاً كبيراً بدرجات الحرارة.
ووصلت درجات الحرارة خلال موسم الحج إلى 50 درجة مئوية، وبلغت، يوم الاثنين (17 يونيو)، ثاني أيام العيد، 51.8 درجة مئوية في مكة المكرمة، بحسب المركز الوطني السعودي للأرصاد.