بعد أن اتضحت صورة البيان الوزاري لحكومة “الإنقاذ والإصلاح” وبانتظار نيلها ثقة المجلس النيابي، تبقى العين على الملفات المالية والاقتصادية خصوصا أنها كانت من البنود الأساسية في البيان.
مصادر اقتصادية اعتبرت أن العبرة في تنفيذ ما تضمنه البيان من إصلاحات مالية واقتصادية، خصوصا ان المساعدات الدولية للبنان مرتبطة أولا وأخيرا بملف الإصلاحات ، وأشارت المصادر الى ان الاوضاع المالية شائكة وصعبة وحلها بوجود ادارة صحيحة وقطاع عام جيد ومنتج، وهذا الامر يحتم على الحكومة ان تكون مدركة للمشكلة المالية واسبابها لإيجاد العلاج لها، وهو امر ليس بالصعب اذا تم الاعتراف بالمشكلة وبالتالي بالأدوات التي يمكن اعتمادها للمعالجة.
وإذ دعت المصادر الى انتظار الخطوات التي ستقوم بها الحكومة على هذا الصعيد على الرغم من ان عمرها لن يتعدى العام والنصف، شددت على أهمية ان تأخذ وزارة المال الأرقام المتفق عليها بين المصرف المركزي وجمعية المصارف اي الارقام الواقعية والصحيحة والتي لا تقبل الجدل، ولفتت الى ان المشكلة الأساسية التي كانت تواجه مجلس النواب وخلال عقود من الزمن هي الأرقام الملغومة وغير الموحدة التي كانت تصله ، وتحديدا بالنسبة الى ارقام الموازنات، التي كانت معظم الأوقات أرقاما وهمية بعيدة عن الواقع .
ودعت المصادر لان تكون الأرقام موحدة من خلال جمعية المصارف ومصرف لبنان، ليصار على اساسها ايجاد وضعية حقيقية وصحيحة تتعلق بهيكلة القروض والودائع وكل التفاصيل المتعلقة بالملف.
إقرأ أيضا : البيان الوزاري الجديد: مفترق طرق بين الدولة والسيادة الضائعة!
ودعت المصادر المسؤولين لوضع رؤية واضحة وشفافة،ترتكز على الأرقام الواقعية ومصارحة المؤسسات الدولية المالية وتحديدا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي،والاعتراف بان معالجة الازمة تحتاج الى عشرات السنوات، كما انه لا يمكن باي شكل من الاشكال ان نبدأ بالمفاوضات مع أي مرجعية دولية من خلال ارقام وهمية وغير دقيقة، بعد ان فقد لبنان الثقة الدولية به وهو ما يحتم عليه العمل بشفافية لتبديل صورته امام المجتمع الدولي.
وعادت المصادر لتؤكد انه لا يمكن للبنان النهوض من ازماته اذا لم يطبق الإصلاحات التي تبدا أولا من معالجة الملف المصرفي لإعادة الثقة بالقطاع.
مشددة على أهمية ان تكون للبنان علاقات جيدة مع صندوق النقد الدولي الذي يربطنا معه اتفاق مبدئي ، حتى اذا كانت اقتراحاته لا تناسبنا، ولكن في النهاية علينا وضع خطة لا تكون نقيضة لما يتوخاه الصندوق، لان العلاقة معه تمكننا من الانفتاح على الأسواق المالية والدولية، خصوصا ان لدينا استحقاقات مالية مصيرية، مشيرة الى أهمية التعامل مع المجتمع الدولي بشفافية وصدق لإعادة ثقتها بالبلد.
واعتبرت المصادر ان إعادة بناء الدولة تبدا أولا من ملء الشغور في المراكز الأساسية وتحديدا بالفئة الأولى ومنها حاكمية مصرف لبنان ، مشيرة الى ان سياسة المصرف المركزي عادة تخضع للحاكم الذي يمتلك استقلالية ، وبإمكانه وضع أي سياسة نقدية، معتبرة ان أي حاكم جديد يحمل معه رؤيته الخاصة لعمله.
وختمت المصادر بالتأكيد على ان الأجواء توحي بالإيجابية والتفاؤل لإعادة بناء العلاقات الدولية لا سيما مع الدول العربية وهو امر طبيعي يشكل صدمة إيجابية إضافية للبنان، مشددة على ضرورة ان تنجح الحكومة بإعادة البلد على الخارطة الاقتصادية، معتبرة ان التغيير يحتاج الى تضافر وطني ونظرة واقعية .